للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد الفاجر أو الكافر يقول القبر له: لا مرحباً ولا أهلاً، أما إنك كنت لمن أبغض من يمشي على ظهري إليّ، فإذ وُلِّيتُكَ اليوم، وصرت إلي فسترى صنيعي بك، فيلتئم عليه، حتى تلتقي وتختلف أضلاعه، وقال - صلى الله عليه وسلم - بأصابع يديه فشبكهما: ثم يُقَيَّض له تسعون تنيناً، أو قال: تسعة وتسعون، لو أن واحداً منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئاً ما بقيت الدنيا، فتنهشه وتخدشه حتى يبعث إلى الحساب، والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار " (١). فهذه الأحاديث كلها أثبتت عذاب القبر للكافر والعاصي. وقد كثرت الأحاديث في عذاب القبر حتى قال غير واحد: إنها متواترة، ولا يصح عليها التواطؤ (٢). وقال ابن القيم (٣): عذاب القبر قسمان: دائمٌ، وهو عذاب الكفار وبعض العصاة. ومنقطع وهو عذاب من خفت جرائمهم من العصاة، فإنه يعذب بحسب جريمته، ثم يرفع عنه، وقد يرفع عنه بدعاء أو صدقة ونحو ذلك. اهـ. قال العلماء (٤): عذاب القبر هو عذاب البرزخ، أضيف إلى القبر لأنه الغالب، وإلا فكل ميت إذا أراد الله تعذيبه نَالَهُ ما أراد به، قُبِرَ أو يُقْبَر، ولو صلب. أو غرّق في البحر، أو أكلته الدواب، ْأو أحرق حتى صار رماداً أو ذري في الريح، ومحله الروح والبدن جميعاً، باتفاق أهل السنة، وكذا القول في النعيم، كما أفاده السيوطي. ثانياًً: أنه يستحب التعوذ من عذاب القبر في آخر كل صلاة بعد التشهد، وقبل السلام، لقول عائشة رضي الله عنها في حديث الباب: " فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدُ صلّى صلاةً إلاّ تعوذ من عذاب القبر ". أمّا الصيغة المأثورة في ذلك فهي كما جاء في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو:


(١) " جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد " ج ١.
(٢) " شرح القسطلاني على البخاري " ج ٢.
(٣) " شرح الصدور، للسيوطي.
(٤) أيضاً " شرح الصدور " للسيوطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>