عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً:" إذا وضع العبد في قبره أتاه ملكان فانتهراه، فقام يهب كما يهب النائم فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي، والإسلام، ديني، ومحمد نبيي، فينادى منادٍ أن قد صدق فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، يقول: دعوني أخبر أهلي، فيقال له: اسكن ".
أخرجه البيهقي. وفي رواية عن أنس رضي الله عنه:" فإن كان كافراً يقولان: من ربك قال: لا أدرى. قالا: من نبيك قال: لا أدرى قالا: من إمامك؟ قال: لا أدري، فيضربانه بعمود ضربة حتى يلتهب عليه القبر ناراً ويضيق عليه حتى تختلف أضلاعه " أخرجه الديلمي. قال القسطلاني: وهل يسأل الطفل، الذي لا يميّز، جزم القرطبي في " تذكرته " أنه يسأل، وهو منقول عن الحنفية، وجزم به غير واحد من الشافعية. وقد صح أن المرابط في سبيل الله لا يفتتن، كما في حديث مسلم وغيره، وكذلك شهيد المعركة، والصابر في الطاعون الذي لا يخرج من البلد الذي وقع فيه قاصداً بإقامته ثواب الله، راجياً صدق موعوده، لحديث البخاري والنسائي عن عائشة مرفوعاً:" فليس من رجل يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلاّ ما قد كتبه الله له إلاّ كان له مثل أجر شهيد " ووجه الدليل أن الصابر في الطاعون نظير المرابط في سبيل الله، وقد صح أن المرابط لا يفتتن. والصحيح الذي رجحه ابن القيم أن سؤال القبر لا يختص بهذه الأمّة، وإنما هو لجميع الأمم، لأنه ليس في الأحاديث الصحيحة ما يقتضي ذلك. ولا شك أن سؤال القبر عذاب للكافر والمنافق، لأنهما إذا سئلا ولم يجيبا عُذِّبا أشد العذاب، وضربا بمطارق من حديد، كما في الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" وأما المنافق والكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول: لا أدرى، كنت أقول ما يقوله الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين ". أخرجه البخاري. والمطابقة: في قوله: " فذكر فتنة القبر "، أي سؤال الملكين.