للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبي وَجَدِّي وخَطَبَ عَلَي فأنْكَحَنِي، وخَاصَمْتُ إلَيْهِ، وكانَ أبي يَزِيدُ أخرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فوضَعَهَا عِنْدَ رَجُل في الْمَسْجِدِ فَجِئْتُ فأخَذْتُهَا فأتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: وَاللهِ مَا إِيَّاكَ أردْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: " لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أخَذْتَ يَا مَعْنُ ".

ــ

وكان له عند الفاروق منزلة عظيمة، وقتل في مرج راهط سنة أربع وخمسين من الهجرة.

معنى الحديث: يقول معن رضي الله عنه: " بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبي وجدي " وهو الأخنس بن حبيب السلمي، " وخطب علي " أي وخطب لي النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فزوجني إياها، " وخاصمت إليه " أي شكوت إليه أبي في قضية فحكم لي، " وكان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها " في الزكاة المفروضة " فوضعها عند رجل " ليصرفها لمن تجوز عليه الزكاة، " فجئت فأخذتها فأتيته بها "، أي فأخبرت والدي بأني أخذتها، " فقال: والله ما إياك أردت "، أي ما قصدت أن أعطي هذه الزكاة لك، لأنّها لا تحل للولد. وأراد أن يسترجعها مني، " فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال " لأبي لا تستردها منه، فإن " لك ما نويت "، من إعطاء زكاتك لمن تحل له شرعاً، " ولك ما أخذت " لأنك فقير.

فقه الحديث: دل الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من أخطأ هو أو وكيله في الزكاة، فأعطاها لمن تحرم عليه من ولد أو غيره دون قصد، ثم تبين له خطؤه أجزأته، وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد لما في حديث الباب، حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمضى زكاة يزيد حين وصلت إلى ولده خطأً، ولم يطالبه بأخرى، وقال مالك والشافعي: لا تجزئه، وهو مذهب أحمد في

<<  <  ج: ص:  >  >>