للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز للساعي أن يأخذ أكثر من الفريضة، ويدفع الفرق بين السنين عرضاً آخر، وكذلك العكس، وهو أن يأخذ أقل من الفريضة ويأخذ الفرق بين السِّنيْن عرضاً آخر، وفي هذا دليل على جواز استبدال زكاة الماشية بالعروض الأخرى، وهو مذهب أبي حنيفة. وأجاب الجمهور بأنه لو كان الأمر كذلك لكان الفرق يزيد تارة وينقص أخرى لاختلاف الأمكنة والأزمنة، فلما قدر الشارع التفاوت بمقدار معين لا يزيد ولا ينقص كان ذلك هو الواجب في الأصل. وأجاب الحنفية بأنّ الشارع لم يقدر التفاوت بمقدار محدود لا يزيد ولا ينقص، وإنما نظر إلى قيمة الفرق بين السنين حسب اختلاف الزمان والمكان، وتفاوت الأسعار، بدليل ما روى عن علي رضي الله عنه أنه قدر " الجبران " ما بين السنين في بعض الأحوال بشاة أو عشرة دراهم - أي بأقل مما قدره الصديق، وقد كان علي رضي الله عنه مصدّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وساعيه على الزكاة، فلو كان الفرق دائماً هو شاتان أو عشرون درهماً لما عدل عنه وخالف الصديق في تقديره، فتقدير عليّ للفرق بهذا التقدير الذي يختلف عما جاء في كتاب أبي بكر يدل على أنّ هذا الفرق ما هو إلاّ قيمة تختلف حسب اختلاف الظروف والأسعار وأنّ من باب استبدال الزكاة المفروضة بغيرها من العروض، ولهذا قال البخاري: باب العرض في الزكاة، أي استبدال زكاة الماشية بغيرها من العروض، واستدل على ذلك أيضاً، بقول معاذ لأهل اليمن: إيتوني بعرض ثيابكم (خميص)، أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثانياًًً: استدل الشافعي وأحمد بهذا الحديث على أنه إذا اختلف السن المطلوب فإن على رب الماشية أن يدفع أعلى منه، ويأخذ من الساعي عشرين درهماً أو شاتين، أو يدفع أدنى منه ويعطى للساعي عشرين درهماً أو شاتين، وأنّ التفاوت بين السنين محدد بذلك كما ذكر في الحديث فهو دائماً عشرون درهماً أو شاتين لا يزيد

<<  <  ج: ص:  >  >>