خرص النبي - صلى الله عليه وسلم - تماماً، " فلما أشرف على المدينة " ورأى مبانيها " قال: هذهْ طابة " أي هذه هي المدينة الطيبة التي سماها الله طابة لطيبها " فلما رأى - صلى الله عليه وسلم - أحداً قال: هذا جُبَيْلٌ يحبنا " حقيقة لا مجازاً كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا حاجة إلى تأويله " ألا أخبركم بخير دور الأنصار، قالوا: بلى، قال: دور بني النجار ": أي أفضلها قبائل بني النجار، كما أفاده العيني، " وفي كل دور الأنصار "، أي وجميع قبائل الأنصار لها مزية وشرف وفضل في الجاهلية والِإسلام.
فقه الحديث: دل الحديث على فوائد وأحكام كثيرة " منها " مشروعية الخرص (بفتح الخاء، وقد تكسر) وهو تقدير ما على النخل من الرطب تمراً، ليحصى على مالكه، فيتوصل به إلى تحديد فريضة الزكاة فيها، وهو مذهب الجمهور، عملاً بحديث الباب، وحديث عتاب بن أسيد " أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة. وفيه انقطاع، لأن ابن المسيب لم يسمع من عتّاب وعنه - صلى الله عليه وسلم -: " إذا خرصتم فخذوا (١) ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث
(١) وفي نسخة لأبي داود: فجذوا، والجذاذ قطع ثمر النخل، وفي نسخة: فجدوا، بالدال بمعنى القطع أيضاً. (ع).