وَجْهَ الْفَضْلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ على عِبَادِهِ في الْحَجِّ قَدْ أدْرَكَتْ أبي شَيْخاً كبيراً لا يَثْبُتُ على الرَّاحِلَةِ، أفأحُجُّ عَنْهُ، قَالَ:" نَعَمْ "، وذلِكَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
ــ
الفضل بن العباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" أي راكباً خلفه على الدابّة " فجاءت امرأة من خثعم " أي: فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة جميلة من خثعم وهي قبيلة يمنية تسأل رسول الله عن الحج، " فجعل الفضل ينظر إليها " أي ينظر إلى جمالها وحسن صورتها " وتنظر إليه " أي وكانت هي أيضاً تبادله نظرة بنظرة، وتكرر النظر إلى وجهه لوسامته وملاحته وحسن صورته، لأنه رضي الله عنه كان شاباً وسيماً مليح الصورة كما في الرواية الأخرى حيث قال: وكان الفضل رجلاً وضيئاً " وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر " أي فلما لاحظ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما تبادل النظرات صار يدير وجه الفضل إلى الجهة الأخرى، ليكف بصره عن النظر إليها، ولتقلع هي أيضاً عن النظر إليه " فقالت: يا رسول الله إنّ فريضة الله على عباده في الحج قد أدركت أبي شيخاً كبيراً " أي أن الله قد شرع الحج وفرضه على عباده عندما أصبح أبي شيخاً هرماً طاعناً في السن، أو أنه لم تتوفر فيه شروط الحج إلاّ في هذه السن المتأخرة من عمره التي أصبح فيها عاجزاً ضعيف الجسم منهوك القوى، حتى أنه " لا يثبت على الراحلة " أي لا يستقر جسمه على الدابة التي يركبها، ولهذا فقد أصبح عاجزاً عن الحج، " أفأحج عنه؟ " أي هل يجوز أن أنوب عنه في الحج، وهل يجزىء عنه ذلك في حج الفريضة.
وتسقط عنه حجة الإِسلام وتبرأ ذمته منها. " قال: نعم " حُجِّي عنه، فإنه تصح النيابة عنه فِي الفريضة ما دام عاجزاً عنها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: وجوب الحج وكونه