للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخان والنسائي.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: جواز الركوب في الحج لركوبه - صلى الله عليه وسلم - على راحلته، كما في حديث الباب، ولا خلاف بين العلماء في جواز الركوب والمشي معاً، لقوله تعالى: (يَأْتُوكَ رِجَالًا) أي مشاة (وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ) أي وركباناً على الإِبل الضامرة، وإنما اختلفوا أيّهما أفضل في الحج، فذهب البخاري ومالك والشافعي (١) وغيرهم إلى تفضيل الركوب، لأنه - صلى الله عليه وسلم - حج راكباً، وذهب آخرون إلى أن المشي أفضل لأن الله تعالى قدم المشاة على الركبان، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: مرفوعاً: " من حج إلى مكة ماشياً كتب له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم " قيل: وما حسنات الحرم؟ قال: " كل حسنة بمائة ألف حسنة " أخرجه الحاكم " وصححه وقال الحافظ الذهبي في " التلخيص ": ليس بصحيح، أخشى أن يكون كذباً، وعيسى (يعنى ابن سوادة الذي في سنده) قال أبو حاتم: منكر الحديث. ثانياًً: أنه يستحب للحاج والمعتمر أن يبدأ الإِحرام والتلبية إذا استوت به راحلته قائمة، أو ركب سيارته متوجهاً لطريقه، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه استدل مالك وأكثر الفقهاء (٢) على أن يهل الراكب إذا استوت راحلته قائمة، واستحب أبو حنيفة أن يكون إهلاله عقب الصلاة. اهـ. فالأفضل للمحرم عند المالكية والشافعية أن يبدأ الإِحرام والتلبية إذا استوت به راحلته من ذي الحليفة لحديث الباب. ولما رواه مسلم عن جابر " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أهللنا -أي لما أردنا أن نهل- أن نحرم إذا توجهنا ". وقال أبو حنيفة: الأفضل التلبية عقب الصلاة لأنه - صلى الله عليه وسلم - " لبى في دبر صلاته " (٣) أخرجه الترمذي والنسائي كما في نصب الراية ". ويجوز


(١) " تفسير القرطبي " ج ١٢.
(٢) " شرح العيني على البخاري " ج ٩.
(٣) " الفقه الإسلامي وأدلته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>