للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّعَامَ، وَتَقْرأ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ".

ــ

رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الإِسلام خير؟ " يعني أي أعمال الإِسلام خيرٌ من غيرها، وأفضل من سواها بعد الإِيمان وأداء الأركان " فقال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام " أي أفضل الأعمال بعد الإيمان وأداء الأركان أمران: الأول: الإكثار من إطعام الطعام للضيوف والفقراء ابتغاء وجه الله تعالى، فيدخل في ذلك الضيافة والوليمة والصدقة وغيرها. الثاني: إقراء السلام على كل من لقيْنا، سواء كان عن معرفة أو غير معرفة، قريباً أو بعيداً، وإشاعته على المسلمين جميعاً، لأن السلام لله فينبغي بذله وإفشاؤه لكل مسلم ابتغاء وجه الله دون تمييز بين شخص وآخر ولأنّه تحية الإِسلام لعموم المسلمين.

فينبغي أن لا تؤثر فيه العواطف والمجاملات.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: فضل إطعام الطعام الإِسلام، وكونه من أفضل الأعمال شريطة أن يكون لوجه الله تعالى، لا رياءً وسمعة قال السنوسي (١): " أما ما كان لفائدة غير شرعية كالمباهاة والانتفاع والثناء ونحو ذلك، فليس بمقصود، بل ربما كان بعضه محرماً، كالاطعام لبعض اللئام من الظلمة والفساق يستعين بهم على فساده ". ثانياً: أن إفشاء السلام من سنّة خير الأنام، ومن أفضل شرائع الإسلام. لما فيه من التواضع للمسلمين، وخفض الجناح للمؤمنين، وتوثيق الروابط معهم، واكتساب محبتهم ومودتهم فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم ". ثالثاً: أن السلام لا يكون سنة وقربة إلى الله إلَّا إذا كان على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين، دون تخصيص بعضهم به. قال الحافظ (٢): "ولا يَخصُّ به أحداً تكبراً أو تصنعاً غير أنه لا يسلم على كافر


(١) شرح السنوسي على صحيح مسلم، ج ١.
(٢) فتح البارى، ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>