للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد سؤاله، " فجاءه الوحي فأشار عمر " أي فأشار إليَّ عمر بيده لكي أحضر لديه - صلى الله عليه وسلم - وأرى كيفية نزول الوحي عليه، " فجئت وعلى رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوب قد أظل به، فأدخلت رأسي " وراء الثوب، " فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمرّ الوجه وهو يغط " بفتح الياء وكسر الغين، أي تتردد أنفاسه بصوت مسموع " ثم سرِّي عنه " أي: ثم انقطع عنه نزول الوحي فهدأت نفسه. وأخذت تنكشف عنه تلك الحالة " فقال: اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات " أي كَرِّرْ غسله ثلاث مرات، وفي رواية قال له: " اغسل عنك أثر الخلوق " بفتح الخاء، فأمره بإزالة أثر الطيب عن بدنه وثوبه " وانزع عنك الجبة " لأنها مخيط "واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك" أي اصنع إذا كنت معتمراً ما تصنعه حاجاً من اجتناب الطيب وغيره، لأنّ محظورات الحج والعمرة واحدة. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " اغسل الطيب ".

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: تحريم التطيب عند الإِحرام بالنسبة إلى الثياب، بكل ما يبقى أثره لوناً أو رائحة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر الرجل بغسل الطيب ثلاث غسلات وأن ينزع الجبة، وهو ما ترجم له البخاري، والجمهور على أنه لا يكره الطيب على البدن عند الإِحرام، بل يستحب لقول عائشة: " كنت أطيّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت " أخرجه الجماعة وسيأتي إيضاحه. ثانياًً: أن من لبس مخيطاً أو أصاب طيباً وهو محرم ناسياً أو جاهلاً، ثم بادر بإزالته لا فدية عليه، وكذلك المحظورات الأخرى، وهو قول الشافعي وأحمد وداود، خلافاً لمالك وأبي حنيفة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>