للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجْعَلُونَ المُحَرَّمَ صَفَراً، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وعَفَا الأَثَرْ، وانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ، قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بالْحَجِّ، فَأمرَهُمْ أن يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عنْدَهُمْ، فَقالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: " حِلٌّ كُلُّهُ ".

ــ

يعتقدون أن الإِحرام بالعمرة فيها " من أفجر الفجور " أي من أعظم المعاصي، ويحرمون العمرة إلى نهاية محرم، " ويجعلون المحرم صفراً " أي ويتلاعبون في الأشهر الحرم على حسب أهوائهم، فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، وهو النسيء الذي ذمه الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) إلخ " ويقولون إذا برا (١) " بفتح الباء والراء " الدبر " بفتح الدال والباء، وهو الجرح الذي يكون في ظهر الإِبل، بسبب اصطكاك الأقتاب، أي إذا شفيت الجراحات التي في ظهر الإِبل، والتي تحدث بسبب الحمل عليها، وكثرة احتكاكها في أسفارها الطويلة، " وعفا الأثر " أي اندرست آثار أقدام الإِبل التي تحدثها في سيرها، " وانسلخ صفر " (٢) أي وانتهى شهر صفر الذي هو في الحقيقة شهر محرم بسبب النسيء " حلت العمرة لمن اعتمر " أي فعند ذلك تجوز العمرة لمن أرادها " قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه " أي دخلوا مكة " صبيحة رابعه " أي صبيحة يوم الأحد الموافق لليوم الرابع من ذي الحجة.

" فأمرهم أن يجعلوها عمرة " أي أن يفسخوا الحج إلى العمرة، ويتحللوا بالطواف والسعي " فتعاظم ذلك عندهم " أي فتعاظم عندهم مخالفة العادة التي كانوا عليها من تأخير العمرة عن أشهر الحج كما قال العيني، وفي رواية: " فكبر ذلك عندهم "، وروي أنّهم قالوا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلّا خَمْسٌ أي إلاّ خمسة أيام أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا


(١) بدون همزة.
(٢) قال " الحافظ في " الفتح ": وهذه الأسماء تقرأ ساكنة الراء لإرادة السجع. (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>