به، فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم" أي لفعلت مثل الذي أمرتكم، وفسخت الحج إلى العمرة. " ولكن لا يحل مني حرام " أي لا يحل في شيء من محظورات الإِحرام " حتى يبلغ الهدي محله " أي حتى يصل الهدي إلى المكان الذي ينحر فيه بمنى يوم النحر. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله: " أهلو بالحج مفرداً " حيث دل على إفرادهم بالحج عند خروجهم من المدينة، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: " أحلوا من إحرامكم بطوافٍ " حيث دل أمره - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بالتمتع عند دخولهم مكة.
فقه أحاديث الباب: دلت هذه الأحاديث على مشروعية الأنساك الثلاثة في الحج: الإِفراد، والقران، والتمتع.
أما الافراد: فلقول عائشة رضي الله عنها: " خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نرى إلاّ أنه الحج، وقول جابر:" وقد أهلوا بالحج مفرداً "، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما:"قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج ".
وأما القران: فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً، ولهذا قال لحفصة:" إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر ". وهناك أحاديث أخرى صريحة في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً، منها قول أنس " حتى إذا استوت به على البيداء حمد الله، وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة، وأهل الناس بهما " أخرجه الشيخان وأبو داود، وحديث عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجةٍ ". أخرجه البخاري وأبو داود وابن ماجة.
وأما جواز التمتع: فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدموا مكة أمر من لم يسق منهم الهدي أن يجعلها عمرة، ويتحلل بالطواف والسعي، وأبطل ما كان يعتقده العرب في الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور كما في حديث