للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِئْسَ مَا قُلْتُ يا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أولْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ في الأنْصَارِ، كانُوا قَبْلَ أن يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيةِ التي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ المُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أنْ يَطوفَ بالصَّفَا والْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أسْلَمُوا سَألوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّج أنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فأنزلَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) الآيَة قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأحَدٍ أنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا.

ــ

الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) "، أي أنّ عروة سأل خالته عائشة عن معنى هذه الآية، وقال: إني فهمت من قوله تعالى: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) أن السعي غير واجب على الحاج " قال: فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهما " أي لا إثم على من ترك السعي بينهما، " قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي " أي لقد أخطأت فيما قلت: ولم توفق في فهمك هذا " إن هذه " الآية " لو كانت كما أوّلتها " أي كما فسرتها " كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما " أي لكان لفظها كما قالت عائشة لأنّها لا تدل على عدم وجوب السعي إلاّ إذا اقترنت بلا النافية، ثمَّ بينت سبب نزول الآية الكريمة في قولها: " لكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة " أي يحجون لصنم يسمى مناة عند المُشلَّلِ " بضم الميم، وهي ثنية بين مكة والمدينة تشرف على قديد " فكان من أهل " أي فكان من حج من الأنصار " يتحرجٍ أن يطوّف بالصفا والمروة " أي كان يرى في السعي بين الصفا والمروة إثماً عظيماً، لأنّه كان فيهما صنمان يعبدهما غيرهم، وهما

<<  <  ج: ص:  >  >>