وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: مَالَكَ يا أبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأنْظِرْنِي حتى أُفِيضَ عَلَى رَأسِي ثم أخْرُجَ، فَنَزَلَ حتَّى خَرَجَ الحَجَّاجُ، فسَارَ، فَقَالَ لَهُ سَالِمُ بن عَبْدِ الله وَكَانَ مَعَ أبيهِ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظرٌ إلى عبدِ اللهِ، فَلَمَّا رَأى ذَلِكَ عبد اللهِ قَالَ: صَدَقَ.
ــ
" الحَجَّاجُ " ذلك العام، فلما توجه من مني إلى عرفة نزل في نمرة ونصب سرادقه هناك كما كان يفعل غيره من الأمراء اقتداءً بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما حان وقت الزوال ذهب إليه ابن عمر ليبين له المناسك، فصاح به منادياً عليه " فخرج وعليه ملحفة معصفرة فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ " يعني ابن عمر " فقال: الرواح إن كنت تريد السنة " أي عجّل بالذهاب إلى عرفة بعد الزوال. عقب أداء صلاتي الظهر والعصر قصراً وجمعاً ببطن عُرَنة إن كنت تريد العمل بسنته - صلى الله عليه وسلم - " قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجّاج فسار فقال له سالم وكان مع أبيه: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة " أي فاختصر الخطبة وأدِّ صلاتي الظهر والعصر ببطن عرنة قصراً وجمعاً وخففهما " وعجل بالوقوف " أي وسارع إلى الوقوف بعرفة عقب الصلاة مباشرة لتقف بها في الهاجرة عند منتصف النهار لما في حديث جابر رضي الله عنه قال: " لما زاغت الشمس أَتى - صلى الله عليه وسلم - بطن الوادي، أي وادي عرنة، فخطب الناس، ثم صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ثم ركب القصواء (بفتح القاف) وهي ناقته المشهورة، حتى أتى الموقف " إلخ. الحديث: أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من السنة أن