للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا (١) في عرفات وهو من الحمس، والحصر إنما يقفون بمزدلفة ولا يتجاوزونها إلى عرفة، لئلا يخرجوا عن حدود الحرم، قال الحافظ (٢): والمعتمد أن هذه القصة كانت في الجاهلية عن قبل الإِسلام وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حج في ذلك العهد، فخرج جبير يبحث عن بعيره الضائع، فلقيه مصادفة في عرفة، فتعجب لذلك واستنكره، لما رواه اسحاق عن نافع بن جبير بن مطعم قال: كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون: نحن الحمس، فلا نخرج من الحرم، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على حمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة، فيقف معهم، ويدفع إذا دفعوا وفي رواية: فلما أسلمت علمت أن الله وفقه لذلك.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية الوقوف بعرفة، وهو رُكن من أركان الحج لا يتم الحج إلاّ به، ولا يجزىء ولا يصح إلّا بفعله إجماعاً لما رواه عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة، فجاء نفر من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: " الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جَمْع - بفتح الجيم وسكون الميم. فقد تم حجه " أخرجه أبو داود وابن ماجة (٣). أي فمن وقف على أرض عرفة ليلة العاشر من ذي الحجة فقد أدرك الحج وأدرك الوقوف بعرفة.

وقد اختلفوا في وقت الوقوف بعرفة، فقال الجمهور: وقت الوقوف بعرفة هو ما بين الزوال، زوال الشمس يوم عرفة وطلوع فجر يوم النحر. وقال أحمد (٤): وقت الوقوف بعرفة ما بين فجر يوم عرفة وفجر يوم النحر. واتفق الجمهور " الحنفية والحنابلة والشافعية " على أن من وقف في أي جزء من هذا


(١) " إرشاد الساري " للقسطلاني ج ٣.
(٢) " فتح الباري " ج ٣.
(٣) " شرح المقدسي على عمدة الفقه ".
(٤) " تكملة المنهل العذب على سنن أبي داود " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>