والثوري يجب الدم على من تركه، وقال مالك: المبيت بمزدلفة سنة لا واجب، والواجب النزول بها بقدر حط الرحال وصلاة العشاءين، وتناول شيء من الأكل والشرب فيها، فإذا لم ينزل بها فعليه دم. وقالت الشافعية: الواجب هو الحصول بها لحظة أو المرور بها وإن لم يمكث بها بعد نصف الليل (١)، وقضاء بقية الليل بها سنة فقط. ثانياًًً: أنه يسن الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة جمع تأخير، وقد اختلفوا في الأذان والإِقامة لهما، فقال أبو حنيفة: يجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة، لقول ابن عمر:" جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة " أخرجه مسلم، وقال الشافعي في الجديد وأحمد في رواية: يقام لهما إقامتين ولا يؤذن لهما، لما جاء في حديث أسامة رضي الله عنه " أنه - صلى الله عليه وسلم - لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً " أخرجه البخاري وأبو داود ومالك في " الموطأ " وقال مالك: يجمع بينهما بأذانين وإقامتين، لحديث الباب، والله أعلم. ثالثاً: أداء صلاة الفجر بالمزدلفة في وقت الغلس، وأنه يسن التبكير بها أوّل الوقت، وهو متفق عليه، وهذا ما ترجم له البخاري. والمطابقة: في قوله: " صلى الفجر حين طلع الفجر - وقائل يقول: لم يطلع ".
...
(١) " الفقه الإسلامي وأدلته " للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣.