للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يضعان عن المرء الحكم الذي يلزمه (١) في الحج إلاّ أنه يدعمه الحديث النبوي الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: " سمعت النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر في حجة الوداع وهم يسألونه فقال رجل لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال ارم ولا حرج " أخرجه الشيخان. فإن قوله: " ولم أشعر فحلقت قبل أن أذبح " معناه أن السائل قدم وأخر ناسياً، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " لا حرج عليك " فيما فعلت، لأنه فعله ناسياً ولم يشعر بما وقع منه فعلَّق النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمه برفع الحرج عنه على كونه لم يشعر بما وقع منه، ومفهومه أنه لو شعر بذلك وتعمده لكان عليه الحرج ولو جبت عليه الفدية فهذا نص صريح على أن الفدية لا تجب على من خالف الترتيب ناسياً، ومفهومه أنّه لو خالفه -عامداً- لوجبت عليه وما دام قد ورد النص بذلك، فإنه لا يلتفت إلى القياس، لأنّه لا قياس مع النص. " أما المالكية " فإنّهم فرقوا بين هذه الأعمال فقالوا: الترتيب واجب بين رمي جمرة العقبة وبين الحلق والإِفاضة، فلو قدم أحدهما على الرمي لَوَجَبَ عليه دم (٢)، ومستحب بين الرمي والنحر، وبين النحر والحلق وبينها -أي بين النحر والحلق- وبين طواف الإفاضة، فمن نحر قبل الرمي أو حلق قبل النحر، أو طاف قبل الحلق، أو طاف قبل النحر فقد ترك مستحباً ولا دم عليه. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في إجابته للسائل عن الحلق قبل الذبح، بقوله: " لا حرج " فإنه يدل على أن تقديم الذبح على الحلق مستحب وإلّا لترتب الحرج على من حلق قبل أن يذبح، وهو ما ترجم له البخاري.

...


(١) " تكملة المنهل العذب " ج ٢.
(٢) أيضاًً " تكملة المنهل العذب " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>