واقترب منها " فأبصر درجات المدينة " أي رأى أشجارها الطويلة ومبانيها العالية " أوضع ناقته " أي دفع ناقته إلى الإِسراع في سيرها " وإن كانت دابّة حركها " بيده الشريفة أو بعصاه ليحثها على السير السريع، أي وإنما كان يفعل ذلك بسبب شدة حبه للمدينة وشوقه إليها. الحديث: أخرجه البخاري والترمذي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على شدة حبه - صلى الله عليه وسلم - للمدينة ذلك الحب الذي يتجلى في كل عمل من أعماله، أو قول من أقواله، أو حركة من حركاته - صلى الله عليه وسلم -، فهو - صلى الله عليه وسلم - يسرع بدابته عند قدومه إلى طيبة، واقترابه منها، شوقاً إليها، حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره طرح رداءه، وقال: هذه أرواح طيبة، كما جاء في بعض الروايات الصحيحة، وفي بعضها " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم المدينة يسير أتمَّ السير، ويقول: " اللهم اجعل لنا بها قراراً ورزقاً حسناً وإذا دخل مكة قال: اللهم لا تجعل منايانا بمكة " أخرجه أحمد في " مسنده "، وما ذلك إلاّ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب الموت بالمدينة، فمن السنة أن يستشعر المسلم عند اقترابه من المدينة مشاعر الفرحة والبهجة وأن يسرع بسيارته، فإنها المدينة التي تحن إليها قلوب المؤمنين، ورحم الله الشاعر إذ يقول في الحنين إلى طيبة: