للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في قوله الجديد وأحمد، فإن قوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) محمول على العموم في حق كل من أحصر، سواء كان قبل الوقوف أو بعده، بمكة أو بغيرها، وسواء كان طاف بالبيت أو لم يطف، فإن له أن يتحلل كما قال تعالى، لأنه سبحانه أطلق ذلك ولم يخصصه. اهـ. حيث قال: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) وفيه إضمار.، ومعناه (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) عن إتمام الحج والعمرة وأردتم أن تحلوا فاذبحوا ما تيسر من الهدي.

وأما سبب الإحصار: فإن الجمهور يرون أن الِإحصار لا يكون إلاّ بسبب العدو خاصة، وهو بذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية، لأن الآية نزلت في حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في الحديبية من العدو، قال الشافعي (١): فمن حال بينه وبين البيت مرض حابس فليس بداخل في معنى الآية، لأنها نزلت في الحائل من العدو، ذكره البيهقي، بدليل قوله تعالى: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ) والأمن لا يكون إلاّ من العدو، وقال عبد الله بن عمر: " المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة " أخرجه مالك في " الموطأ ". وذهب ابن مسعود وزيد بن ثابت وسفيان الثورى وأبو حنيفة وأحمد في رواية، إلى أن الإحصار يتحقق بكل سبب يمنع من الاستمرار في موجب الإِحرام من مرض ولدغ وجراحة وذهاب نفقة، وعطل سيارة، أو موت محرم، أو زوج، لأنّ الإِحصار في أصل اللغة هو المنع (٢) من الشيء بسبب المرض، أما المنع بسبب العَدوِّ فهو حصرٌ، تقول العرب: أحصره المرض إحصاراً فهو محصرٌ، وحصره العدُوُّ حصراً فهو محصور، ولكن لما كان سبب نزول الآية العدو عدل عن لفظ الحصر المختص بالعدو إلى الإحصار المختص بالمرض فدل ذلك على أنه أريد باللفظ ظاهره، وهو المرض، ويدخل


(١) " تكملة المنهل العذب " ج ١.
(٢) أيضاًً " تكملة الجهل العذب المورود وشرح سنن أبي داود " ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>