" يُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:" فاحْلِقْ رَأَسْكَ " قَالَ: فيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ) إلَى آخِرها، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " صُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ أو تَصَدَّق بِفَرْقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ أو انْسُكْ بمَا تَيَسَّرَ ".
ــ
رسول الله بالحديبية ورأسي يتهافت" أي يتساقط " قملاً فقال: يؤذيك هوامك " أي قملك " قلت نعم قال فاحلق رأسك " أي فأمره بحلق رأسه " قال في نزلت هذه الآية " وهو قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مبيناً الفدية المطلوبة: " صم ثلاثة أيام " أي إن شئت صم ثلاثة أيام " أو تصدق بفرق " بفتح الفاء والراء أو سكونها، وهو ثلاثة آصع، " أو أنسك بما تيسر " أي اذبح ما تيسّر لك من الذبائح، وأقلها شاة. الحديث: أخرجه الستة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: وجوب الفدية على من ارتكب محظوراً من محظورات الإِحرام، لأن كعب بن عجرة لما ارتكب بحَلْقِ رأسه محظوراً أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفدية، وكذلك سائر المحظورات. ثانياًً: أن الفدية الواجبة ثلاثة أنواع: أولها: صيام ثلاثة أيام غير مقيدة بزمان، ولا بالتوالي كما يدل عليه ظاهر الحديث، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر شيئاً من ذلك وإنما يُسْتَثْنَى من ذلك العيدان عند الجمهور، وقال أبو حنيفة، والشافعي: يستثنى من ذلك العيدان وأيّام التشريق، فلا يجوز صومها في الفدية. الثاني: التصدق بفرق، وهو ثلاثة آصع على ستة مساكين. الثالث: ذبح ذبيحة أقلّها شاة. والمطابقة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " أو تصدق بفرق "