للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ. قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ.

قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ. قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ. قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ! مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ.


= خلط بين أنواع من الطعام، وأكله كله لا يترك منه شيئًا، وهذا وصف له بالنهمة والشره (وإن شرب اشتف) أي استوعب جميع ما في الإناء من الشراب، مأخوذ من الشفافة، بالضم والتخفيف، وهي ما بقي في الإناء من الشراب، فإذا شربها قيل: اشتفها (التف) أي تلفف بكسائه وحده، وانطوى على نفسه، أي انقبض عن أهله إعراضًا، فهي كئيبة حزينة (ولا يولج الكف) أي لا يمد يده ولا يدخل كفه، يعني لا يتفقد (ليعلم البث) أي الحزن والغم، كناية عن عدم المبالاة والاهتمام بالزوجة وحقوقها من الجماع ونحوه، فهي وصفته باللؤم والبخل والنهمة والمهانة وسوء العشرة مع الأهل (غياياء أو عياياء) بفتح الغين المعجمة أو العين المهملة، بعدها ياء خفيفة، وهو شك من الراوي، وعند النسائي بالمعجمة بغير شك، وهو إما من الغي بمعنى الانهماك في الشر، أو من الغي بمعنى الخيبة. قال تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: ٥٩] أو من الغياية، وهو كل شيء أظل الشخص فوق رأسه، فكأنه مغطى عليه من جهله. وعلى هذا يكون "طباقاء" تأكيدًا له، وهو الأحمق الذي ينطبق عليه أمره. أما "عياياء" بالعين المهملة، فهو الذي لا يضرب ولا يلقح من الإبل، والمراد أنه لا يكاد يعرف طريق الجماع، والطباقاء أيضًا الذي لا يحسن الضراب، وقد فسر بأنه الذي ينطبق صدره على صدر المرأة عند الجماع فيرتفع سفله عنها، وعلى هذا يكون تأكيدًا لما قبله، لاختلاف اللفظ مثل قولهم: "بعدًا وسحقًا" (كل داء له داء) أي كل داء وعيب تفرق في الناس فهو موجود فيه (شجك) بتشديد الجيم، والكاف لخطاب المؤنث أي جرحك في الرأس، وجراحات الرأس تسمى شجاجًا (أو فلك) بتشديد اللام، أي جرح جسدك (أو جمع كلا لك) يعني إنه ضروب للنساء، وإذا ضرب فإما يكسر عظمًا أو يشج رأسًا أو يجمع بينهما (الريح ريح زرنب) بفتح فسكون ففتح على وزن أرنب: حشيشة دقيقة طيبة الرائحة، لا تكون ببلاد العرب ولكن يذكرونها (والمس مس أرنبٍ) وهي دويبة معروفة لينة المس، ناعمة الوبر جدًّا، مدحته بجميل الخلق ولين العريكة (رفيع العماد) أي الأسطوانات، ورفعتها تستلزم رفعة البيت وعلوه، كنت بذلك عن أنه سيد شريف، لأن بيوت الأشراف كانت عالية، يبنونها في مواضع مرتفعة ليقصدهم الطارقون والوافدون (طويل النجاد) بكسر النون وتخفيف الجيم: حمالة السيف، وطول حمالة السيف يستلزم طول القامة، فالمعنى أنه طويل القامة، يحتاج إلى طول نجاده، ويتضمن ذلك أنه صاحب سيف، فهو إشارة إلى شجاعته (عظيم الرماد) أي كثير الرماد، وإنما يكثر الرماد لكثرة الطبخ، ويكثر الطبخ لكثرة الضيفان، فهي عبارة عن كثرة الجود والسخاء، وعن اتجاه الضيفان إلى داره لأجل ذلك، ويقال: إن الأشراف - عدا ذلك - كانوا يوقدون النار على التلال ومشارف الأرض، ليهتدي الضيفان إليهم، فكان يكثر الرماد (من الناد) بالياء وبغيرها، وهو أوفق للسجع، والنادي، والمتندى مجلس القوم، وصفته بذلك بالشرف في قومه، فهم يقصدونه للمشاورة وأخذ الرأي، ويجتمعون قريبًا من بيته (زوجي مالك) يقال مالك لمن يملك الأموال الكثيرة من الإبل والبقر ونحوهما من المواشي، وربما يطلق على من يملك الزرع والنخيل أيضًا (مالك خير من ذلك) أي مما يتصور عمومًا (المبارك) بفتحتين جمع مبرك، وهو موضع نزول الإبل، ومعناها أن الإبل كثيرة، ولذلك كثرت مباركها، أو المعنى أنها في معظم أوقاتها وأيامها تبقى جالسة بفناء الدار استعدادًا لقرى الضيفان، فكلما نزل ضيف يقدم له اللحم واللبن (المسارح) جمع مسرح، وهو الموضع الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>