للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتِ الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ! أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ! عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ! مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ! طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا،


= تطلق فيه الإبل لترعى فيه، تعني أنها ترسل إلى المراعي قليلًا للمصلحة المذكورة (المزهر) بكسر الميم وسكون الزاء وفتح الهاء، آلة من آلات اللهو، قيل: هي العود، وقيل: دف مربع، أي هو يستقبل الضيفان والقادمين بصوت العود والغناء، فرحًا بقدومهم، وإكرامًا لهم، فإذا سمعت الإبل هذا الصوت علمن (وأيقن أنهن هوالك) سوف تنحر لهؤلاء الضيوف، والهوالك جمع هالكة (أناس) أي أثقل حتى تدلى وتحرك (من حلي) بضم الحاء وكسرها وكسر اللام وتشديد الياء، جمع واحده حلي بالفتح فالسكون (أذني) بالتثنية المضافة إلى ياء المتكلم، أي ملأهما بأنواع من القرط والشنف والجواهر واللآلي (وملأ من شحم عضدي) أي إنها صارت سمينة، لأن العضد إذا سمنت سمن سائر الجسد، وفي العضد أربع لغات: فتح العين مع ضم الضاد وكسرها وسكونها، وضم العين مع سكون الضاد بوزن قفل. وهو من المرفق إلى الكتف (وبجحني) بجيم خفيفة أو ثقيلة (فبجحت) بجيم خفيفة مكسورة، قيل: وتفتح أيضًا (إلي) بتشديد الياء، أي فرحني ففرحت، أو عظمني وفخرني فعظمت وفخرت (أهل غنيمة) تصغير غنم (بشق) بكسر الشين المعجمة أو بفتحها، قيل: هو موضع بعينه. وقيل: هو بالكسر، والمراد شق جبل، أي ناحيته، أي إنهم لقلة عددهم وأموالهم كانت تكفيهم ناحية من الجبل، وقيل: المراد بالشق - بالكسر - التعب والمشقة، ومنه قوله تعالى: {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النحل: ٧] والمعنى أنهم كانوا في شظف من العيش وجهد منه (أهل صهيل) أي خيل، والصهيل صوت الخيل (أطيط) أي إبل، والأطيط: صوت أعواد الرحال على الجمال، أي إنهم أصحاب المحامل، وأشارت بذلك إلى رفاهيتهم (ودائس) هو الذي يدوس الزرع، وهو البقر (ومنق) بضم الميم وكسر النون وتشديد القاف، اسم فاعل من نقى الطعام، أي أخرجه من تبنه وقشوره، وهو يحصل بالدوس، فهو أيضًا من أعمال البقر، فكأنها أشارت إلى البقر بوصفين، ويحتمل أنها أرادت التنقية التي تحصل بعد الدوس، ومعلوم أنها يقوم بها رجال وعمال، فأشارت إلى أنهم أصحاب خدام وعبيد، وقد تضمنت الكلمتان وجود الزرع عندهم بدرجة أولى، والحاصل أنهم أصحاب خيل وإبل وبقر وزرع وعبيد وخدم (فعنده أقول) أي أتكلم (فلا أقبح) أي فلا يقبح قولي ولا يرد علي (وأرقد فأتصبح) أي أنام إلى أول النهار ولا أوقظ، لأن الخدم تكفي مؤنة البيت ومهنة الأهل (فأتقنح) أي أروى حتى لا أحب الشرب، والتقنح: الشرب بعد الري وعلى مهل، تشير إلى كثرة اللبن وأنواع الشراب (عكومها رداح) عكوم بضم العين جمع عكم بكسرها وسكون الكاف، هي الأعدال والأحمال والأوعية التي تجمع فيها الأمتعة، وقيل: هي نمط تجعل المرأة فيها ذخيرتها، والمعنيان قريبان، ورداح بكسر الراء وفتحها، أي عظام كثيرة الحشو، وقيل: ثقيلة، وقيل: مليئة، وكلها قريبة (فساح) بفتح الفاء، أي واسع، وصفت والدة زوجها بكثرة الأثاث والقماش، والأسباب، وبسعة الدار (كمسل شطبةٍ) الشطبة: ما شطب من جريد النخل، وهي السعفة، ويشق منها قضبان رقاق ينسج منها الحصير، والمسل، بمعنى المسلول، أي ماسل من قشره. وقيل: الشطبة السيف، والمسل: الغمد، شبهت مضجعه بما سل من السعف، أو بالسيف أو بالغمد، أي إنه مهفهف خفيف اللحم، وهذا مما يمدح به الرجل (الجفرة) بفتح فسكون: الأنثى من أولاد المعز إذا بلغت أربعة أشهر، وفصلت عن أمها، ويقال لولد الضأن أيضًا إذا كان ثنيا (ملء كسائها) كناية عن كونها سمينة ممتلئة الجسم (وغيظ جارتها) قيل: أرادت بالجارة الضرة، أي يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها وأدبها، وقيل: أرادت الجارة مطلقًا، لأن الجارات من شأنهن ذلك (لا تبث حديثنا تبثيثًا) أي لا تظهره ولا تشيعه، بل تكتمه =

<<  <  ج: ص:  >  >>