= رواية النسائي وأبي داود وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي: "من المدينة، (يوم التروية) اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الحجاج كانوا يرتوون أي يأخذون الماء لأنفسهم ويسقون إبلهم فيه استعدادًا للوقوف بعرفة، إذ لم يكن بعرفة ماء مثل زماننا (وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فذهب من مكة إلى منى (وأمر بقبة) أي خيمة (من شعر) بفتح الشين وسكون العين (بنمرة) بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء، موضع بجنب عرفات، وليس من عرفات (ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام) يعني كانت قريش جازمين ومستيقنين بأنه - صلى الله عليه وسلم - يقف عند المشعر الحرام، والمشعر الحرام جبل في المزدلفة يقال له قزح، وقيل: بل هو كل المزدلفة، وإنما كانوا جازمين بوقوفه - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة لأنه كان من قريش، وقريش لم يكونوا يقفون بعرفات، بل كانوا يقفون بالمزدلفة، ويقولون: نحن الحمس وأهل الحرم، فلا نخرج من الحرم إلى الحل، وعرفات من الحل. وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة، ويقفون بعرفات (فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي جاوز المزدلفة، ولم يقف بها، بل توجه إلى عرفات (حتى أتى عرفة) أي قاربها، لأنه نزل بالقبة التي ضربت له بنمرة، وتقدم أن نمرة ليست من عرفات، بل هي دونها (فرحلت له) على بناء المجهول مخففًا، أي شد على ظهرها الرحل ليركبها النبي - صلى الله عليه وسلم - (فأتى بطن الوادي) هو وادي عرنة - بضم ففتح - وعرنة ليست من عرفات (كحرمة يومكم هذا ... إلخ) وهو يوم عرفة، والتشبيه لبيان تأكيد التحريم وشدته، وكانت حرمة ذلك اليوم والشهر والبلد معروفة التأكيد لديهم من زمن الجاهلية (تحت قدمي موضوع) أي مردود وباطل لا يطالب به في الإسلام (ودماء الجاهلية موضوعة) أي متروكة لا قصاص لها ولا دية ولا كفارة (وإن أول دم أضع) أي أتركه وأبطله (من دمائنا) أي من دماء بني عبد المطلب، وهو البطن الذي منه النبي - صلى الله عليه وسلم - (دم ابن ربيعة بن الحارث) بن عبد المطلب. واسم هذا الابن إياس، وقيل: غيره (فقتلته هذيل) بالتصغير، اسم قبيلة، وهم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وكان ابن ربيعة هذا طفلًا صغيرًا يحبو بين البيوت فأصابه حجر في حرب كانت بين بني سعد وبين هذيل فقتله، وظاهر سياق الحديث أنهم قتلوه عمدًا (وربا الجاهلية) وهو ما زاد على رأس المال (موضوع) أي باطل مردود (وأول ربا أضع ... إلخ) إنما ابتدأ في وضع دماء الجاهلية ورباها من أهل الإسلام، بأهل بيته ليكون أمكن في قلوب السامعين، وأسد لأبواب الطمع في الترخيص (فإنكم أخذتموهن بأمان الله) وفي بعض النسخ بأمانة الله، وكذا عند أبي داود وابن ماجه والشافعي وابن الجارود والبيهقي، أي إنهن أمانة من الله في أيديكم فيجب حفظها ومراعاة حقوقها والقيام بمصالحها الدينية والدنيوية (واستحللتم فروجهن بكلمة الله) أي بأمره وإباحته التي أنزلها في كتابه كقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] أو بقضائه الذي قضاه قبل الخلق من إباحتهن للرجال بشرط النكاح (ولكم عليهن) أي ومن حقوقكم عليهن (أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه) أي لا يأذن لأحد تكرهونه أن يدخل في=