للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الِانْتِقَالِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: أَيْنَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ أَعْمَى، تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ وَلَا يَرَاهَا، فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَرْوَانُ، قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يَسْأَلُهَا عَنِ الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَتْهُ بِهِ، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنِ امْرَأَةٍ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ: فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الْآيَةَ. قَالَتْ: هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ، فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ؟ فَكَيْفَ تَقُولُونَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا؟ فَعَلَامَ تَحْبِسُونَهَا.؟ »

(٠٠٠) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، وَحُصَيْنٌ، وَمُغِيرَةُ، وَأَشْعَثُ، وَمُجَالِدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ، كُلُّهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ، فَقَالَتْ: فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَدَاوُدَ، وَمُغِيرَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَأَشْعَثَ، عَنِ

الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ هُشَيْمٍ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ،


= واحدة من الصحابة. وهذه مسانيد نساء الصحابة لا تشاء أن ترى فيها سنة تفردت بها امرأة منهن إلا رأيتها، فما ذنب فاطمة بنت قيس دون نساء العالمين؟ (سنأخذ بالعصمة) أي بالثقة والأمر القوي الذي (وجدنا الناس عليها) يشير إلى أنهم على إيجاب السكنى للمطلقة على زوجها على وجه الإجمال من غير نظر إلى عدد الطلاق، وأخذا بعموم القرآن، فنأخذ في المطلقة ثلاثًا أيضًا بمجمل ما هم عليه، ولا شك أنه مأخذ ضعيف ولا سيما في مقابلة النص، وقد ردت عليه فاطمة بنت قيس بأن الآية التي تأمر بالسكنى، ويظنها مروان عامة لجميع أنواع المطلقات - بما فيهن المطلقة الثلاثة - ليست بعامة، لأن الله يبين علة الأمر بالإسكان بقوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] وليس يرجى إلا الرجعة، فالأمر بالإسكان خاص بمن له حق الرجعة، أما الذي طلق الطلاق الثالث وليس له حق الرجعة فأي أمر يحدث له بعده؟ ويؤيد هذا أن الله تعالى قال فيهن: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] ومعلوم أن الإمساك بمعروف لا يمكن إلا إذا كان لزوجها عليها الرجعة، فإن الإمساك بمعروف هي الرجعة، فعلم أن الأمر بالإسكان في الرجعيات، وليس في البائنات. ثم استدلت عليهم فاطمة بنت قيس بدليل آخر، وهو أنهم ينفون النفقة عن البائنة، فكيف يحبسونها أي يأمرونها بالسكنى، مع أن النفقة والسكنى معروفتان معًا للمعتدة، فإما تجبان معًا أو تسقطان معًا. وأما قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فلا يختص بالبائن، فلا مفهوم له، يعني ليس معناه أنها إذا لم تكن ذات حمل فلا تنفقوا عليهن، بل هي حالة مسكوت عنها، فإن ثبتت لها النفقة - كما في الرجعية - فإنها تثبت بالدليل، وإن انتفت عنها النفقة - كما في البائن - فإنها تنتفي بالدليل، لا بهذه الآية، فلا دليل فيها.
٤٢ - قوله: (ومجالد) تكلموا فيه وضعفوه، ولكنه لا يضر، لأنه جاء مقرونا مع آخرين، بل هو غير مقصود في الإسناد، وإنما ذكر ضمن الآخرين (طلقها زوجها البتة) تقدم أن معناه طلقها الطلاق الثالث الذي بت النكاح (فخاصمته) أي رفعت أمره إلى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ... إلخ.
٤٣ - قوله: (فأتحفتنا) أي قدمت لنا على سبيل التحفة والضيافة (برطب ابن طاب) نوع جيد من رطب المدينة =

<<  <  ج: ص:  >  >>