إساءات قلما يغفرها لهم التاريخ ككارلوس الثاني عشر ملك الأسوجيين ونابليون الثالث إمبراطور الفرنسيس وأشباههما. كولمبوس ومجلان وفاسكودي غاما أغنوا العالم باكتشافاتهم أدباً ومادة. فكتور وهو كو وكمال بك غير طرائق الإنشاء في الفرنسية والتركية. بهرام ما لا باري وأحمد خان أفاد الهنود أكثر مما استفاد وه من أنفسهم وهم عشرات الملايين. بوكر واشنطون يعمل على ترقية السود أعمالا لم يأت بمثلها ملايين منهم. فإنديك وبلس والبستانيون واليازجيان أفادونا أكثر مما استفدنا من مجموعنا برمته.
عرف الغربيون أن الأمم بأفرادها نشطوا الأفراد وعزروهم ورفعوا أقدرهم ولم يضنوا بعزيز وغال في سبيل هذا السبيل. وأول ما وجهوا أنظارهم إليه تكثير الوسائل العامة التي يسهل وصول الأفراد إليها واستخدامها في ما يقدمهم ويرقيهم فأكثروا المدارس وجعلوا التعليم إلزامياً وأنشئوا المكاتب للمطالعة وأسسوا المنتديات للمباحثة غير جأهلين أن وجود الأفراد غير متوقف على هذه الأمور وإنا حجتهم تسهيل الوسائل لظهورهم ومعاونتهم على الاستفادة والإفادة إذ لا يعلم غير الله من أي فئة ينبغ الأفراد في حين كل من الفقراء أم من الأواسط أم من الأغنياء. ولكن الرأي المعول عليه أن الأفراد كثيراً ما يرون نور الوجود في الأكواخ والبيوت المتوسطة لا في القصور والمنازل الفخمة. وبهذا تتضح غاية إنشاء المدارس المجانية والمكاتب والمنتديات العمومية. ولم نعد نحن في بلادنا أفاضل منا ومن محبينا أدركوا هذا الأمر الجليل فعملوا على إيجاده وتعزيزه.
كثير من الناس لا يعبأون بغرف القراءة ولا يرون فيها غير غرف التسلية وصرف أوقات الفراغ لغرض أسمي وأعم ولا يقتصر نفعها على استمالة الشبان عن القهاوي والحانات وترقية عقولهم بالمطالعة وتهذيب نفوسهم بها بل هي مورد عذب للأفراد يستفيدون منها ما يضن به الدهر عليهم. وإذا لم يكن لها غير هذا النفع لكفاها فضلاً وفخراً.