النفع الحقيقي بدلاً من أن بلوغ الربع أو الثلث أو النصف فقط. أي فرد يستطيع اليوم أشغال العالم بما شغله به الأسكندر وتيمور لنك ونابليون وأمثالهم قديماً. في مكنة مستعد أن يصير أعظم من روسو وباستور وبرتلو ولكنه يندر جداً أو يستحيل أن يوجد نيرون ثان على الأرض اليوم أو فيما بعد وما ذلك إلا لأن الأمم أمست قادرة على تكييف أفرادها بما بثه فيها الأفراد من المبادئ والآراء وبإمكانها جعلهم فضلاء مجردين إلى النفع ولو بإكراه. والفرق عظيم بين الفرد المفيد المخلص الغيري وبين النصر المرائي الأناني. ذاك يسعد أمته وهذا يشقيها والأمم الحية تتطلب العادة من جميع أبوابها بكل ما فيها من القوى. سطوة الأفراد عظيمة على العقول وليس بمستغرب فإن من طبائع الناس تقليد كبارهم ونوابغهم كل بحسب مهنته وحرفته وميله فالغني يقتدي بالأغنى منه والعالم بالأكثر علماً والأديب بالأوفر أدباً والفاضل بالأفضل منه وهلم جرا. كل ما تتمتع الأمم من الحسنات قد جنته بواسطة الأفراد. العلم والأدب المعرفة والفضيلة الثروة والرفاهية المجد والشهرة جميع ذلك من نتائج أتعابهم وتفردهم. ارتقى الطب بأفراد لا يعدون جزءاً من مليون من الأطباء الذين نشأوا في الأرض محققين ودجالين والناهضون يعدون على الأصابع وهم أبيوقراط وهرفي وجنر وتروسو وبريتونو وباستور وباهرنغ ويزس وككوخ ورو والكيمياء قد تنكر نفسها فضل لافوا زيه وبرتلو. والزراعة لا يمكنها نسيأن النتائج الآتية من تجارب السر جون لوز ورفيقه الدكتور غلبرت. والفلسفة مقرة بخدم أرسطو وابن رشد وتوما وأغسطينوس وديكارت وباكون وكانت وسبنسر والاجتماعيات تردد بالشكر والأمتنان ذكر فولتير وروسو وسيمون وتولستوي. والشعر يترنم بأميروس ودانت والمتنبي وشكسبير وهو كو وكل فن مقر بأفضال أفراده عليه وتأثيرهم فيه. ولا عجب إذا غير الفرد من حالات أمته أو حرفته ما لا يغيره الألوف الملايين من العاديين.
هدم باكون وديكارت أسوار الفلسفة القديمة وأسسا الحديثة وأوضح دروين مذهب النشوء والارتقاء. وعم مكس ملر الأوروبيين والمشارقة كثيراً مما لم يكونوا يعلمونه من تاريخ لغاتهم ومعتقداتهم. وبطرس الأكبر الروسي وكرم ويل الإنكليزي وفرن كلين الأمريكي وبسمارك الألماني والميكادو الياباني الحالي وأمثالهم كثيرون ممن قد نهضوا ببلادهم بتفردهم دع عنك المصلحين والمشرعين كما أن كثيرين من الأفراد قد أساؤوا إلى أممهم