للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظماء وكأنت النقوش على حوائط القصر تمثل بعض المشاهد في أساطير اليونان كالاستيلاء على أوروبا ووقعة لامازون وكثير من هذه المناظر لا يزال محفوظاً في متحف نابولي المشهور. وصوروا على أرباب القصر صورة كلب وكتبوا في أسفلها احترز من الكلب إشارة إلى أسطورة من أساطيرهم. وكانت تلف عمد المحكمة بأكاليل صنعت من الزهور تبدل كل صباح. والموائد كان يعمل أكثرها من شجر الليمون الحامض وتزين بالنقوش العربية وكانوا يهتمون جداً بالأسرة فيصنعونها من النحاس والذهب والجواهر ويضعون فيها المساند الكثيفة ويزوقونها بشغل الإبرة الذي لم يفقهم فيه أحد.

وكان صاحب القصر إذا أدب مأدبة لأهل الوجاهة والمكانة لا يألوا جهده في تجهيز كل ما من شأنه إبهاج الزائر فيجلس الضيوف على مقاعد الردهة متكئين على المساند ثم يغسلون أيديهم في الأواني الفضية وينشفونها بالمناشف الملونة بصباغ الأرجوان ثم يتنأولون الأطعمة ويأكلون الفواكه الموضوعة في أوعية ذهبية. وكانوا يأتون في أشد أيام الحر بالثلج ويستعملونه على الأخونة لتبريد الماء وإنعاش الجسم.

وكان من يريدون كؤوس الخمر على الحضور في خلال المأدبة يقدمون لهم من أفخر خمور الدنيا وفريق آخر من الخدم يرقصون لأتراب الزائرين وأصحاب الغناء يوقعون الألحان ويغنون شيئا من أغاني هورس أو انقر يون وإذا انتهت الوليمة تنبعث المياه العطرة بغتة من قساطل لا ترى فتؤرخ كل ما تحويه الردهة وتنتعش نفوس الجماعة ثم تبرز موائد أخرى وقد فرشت عليها صنوف الطعام فتعيد قابلية الضيوف ويأكلون ما لذ لهم أكله ثم تختفي هذه الموائد وتبرز بدلا منها موائد أخرى يلعب عليها بعض أعضاء مجلس الأعيان والقنأصل والحكام بالنرد فيخسرون الممالك والمقاطعات بهذه اللعبة أو يربحون. هذا الفساد يقوم به زمرة طرأ على أمة الرومأن في ابتداء هبوطها. ويعقب هذه المشاهد مشهد الرقص يقوم به زمرة من الفتيات يدهشن الناظرين بما يأتينه من التفنن في ضروب الرقص الغريب ويغنين من الأغاني ما يسبي القلوب ويلعب بالعواطف والنفوس.

هكذا كانت أحوال بمبي في القرن الأول بعد الميلاد يؤمها المتنزهون من أطراف البلاد ويفضلونها على منازه الدنيا. طرأت عليها نازلة جائحة في الثالث والعشرين من شهر أغسطس عام تسعة وسبعين والناس فيها في الملاهي دهمتهم طوارق الحدثان وثار بركان