لدي رسائل كتبتها والدتي وإلى خالاتي وجريدة تصف فيها سلوك أخي البكر (نيكلولانكا) الذي كلن عمره ست سنين عندما توفيت وكان أشبه منا كلنا بصورتها. وكانت ما استنتجت ذلك من كتاباتها ولحظت ذلك من أخي وعلمته علم اليقين عدم الاحتفال بآراء الغير والأتضاع بحيث كانا يحأولان أن يكتما فوائد التعليم والذكاء والفضيلة التي امتاز بها دون سائر من العيوب اللأزمة ليعد صاحبها من كبار الكتاب ولقد شاهدت ذات يوم أحد الأغنياء الساقطين وهو حارس والي وكان يصطاد معه أخذ يهز به أمامي واذكر كيف أن أخي لما حد جني ببصره مسروراً رأى في هذه الأهانة مسرة عظمى. ومثل هذا الخلق كان في والدتي في أخلاقها أرقى من والدي وأسرته اللهم إلا (تانيانا ألكسندر كولسكي) التي قضت معها نصف حياتها وكانت أمرأته مشهورة بأخلاقها المهذبة. ولم يكن أخي وأمي ممن يقولأن الا خيراً عن الناس وكنت أرى شقيقي إذا كان له ما يقال في سيرة أحد أن يبتسم ويبدي حسن الخلق وكذلك كانت أمي كما فهمت من رسائلها.
وكنت قرأت في حياة القديسين قطعة من كلامه تأثرت بها نفسي. ذلك راهباً كان معروفاً عند الناس بكثرة خطاياه فرآه ذات ليلة في عداد الأخيار يسرح ويمرح في أعلى عليين فسأله عن أمره فقيل له أنه لم يغتب أحداً في حياته. قلت فإن كان في عداد الآخرة يشبه هذا فوالدتي وأخي لاشك أحرز هذا الجزاء.
وامتازت والدتي عن محيطها بحرية وجدانها وسذاجة لهجتها في رسائلها فكان القوم إذ ذاك يغالون في إظهار حاساتهم. عادة لهم كانت مألوفة غير مستنكرة فيقول القريب لقريب يكتب إليه أنت منقطع القرين وأني عبدك وأنت بهجة حياتي وكلما كأنت التبجيلات في الاخوانيات قليلة دل ذلك على قلة إخلاص الكاتب للمكتوب إليه. وقد شهدت هذه العادة في رسائل ولكنها كانت معتدلة في إظهارها عباراتها تدل على الاعتدال والإخلاص. قيل لي أن والدتي كانت تحبني حباً جما وتدعونني بتيامني الصغير وقد كانت غنية وكان والدي نشيطاً بهجاً واسع الصيت والصلات وأظن أن والدتي كانت تحب والدي لأنه والد بنيها وزوجها ولم تكن تحبه حب العاشق المستهام وكان حبها لخطيبها الأول الذي اختطفته المنية حب الفتيات الذي لا يشعرن به إلا لمرة واحدة وإن ما أعلمه عم اليقين هو أن أمي كانت