إذا لم ياترى هذا الحظ من قدر النبي وهو الذي اكمل بعثه المسيح الأنه تزوج بغير واحدة وقد بينا الحكمة في زواجه المتعدد وسعينا على الأقل في بيان أن هذه الأعمال التي اتخذت للحط من قدره انما هي من باب ايثار الغير.
ولننظر الأن في أمر زواجه بالنظر المطلق ولنسأل انفسنا لم تزوج موسى بغير واحدة أكان في عمله هذا من أهل الفضيلة ام من أهل الرذيلة؟ ولم تمتع داوود بزواج لا حد له ومكانته عند الله معلومة؟ والجواب بسيط وهو أن لكل زمان مقياساً خاصاً ومعياراً مقدراً وما يوأفق زمناً وأحداً لا يوأفق غيره.
ومن الواجب أن لا يقيس الماضي بالحاضر. وإن امثلة الفضيلة من أهل الكمال لا يخسرون شيئاً من عظمتهم إذا عملوا بمقتضى زمنهم وكانوا في عملهم امناء شرفاء. أيجوز أن ندعو المسيح طامعاً خيالياً يحاول العبث اوإن ندعو موسى وداوود شهوانين يسفكان الدماء لأن عقل الأول كان مفعماً بتخيلات ملك منتظر وسلوك الاثنين الأخيرين هو مما ينتقد في القرن التاسع عشر. إننا لو فعلنا ذلك لاخطأنا في كلا الحالين لأن اماني المسيح وأعمال موسى وداوود هي من الحقائق التاريخية التي مشت على مقتضى الزمن.
ومن اوضح ميزات النبي أنه وهو في أسمى حالاته لم يتعدم عن الاحياء منتظراً جيلاً لم يولد بعد وهو يمثل في نموه نمو البشر. وأن المسيح ومحمداً لم يقدرا على تغيير الجمعية البشرية دفعة او محو كل ترتيباتها السياسةالملية. وهو كالمسيح اكتفى أن يغير المقتضات الحالية بزرع مبادئ تلاشي هذه المقتضيات متى حان الوقت المناسب ولصحت في قلوب أتباعه.
أما القول بأن النبي ميز نفسه بمنافع حرمها على أتباعه فهو من الوهم الناشئ عن الجهل لان حد تعدد الزوجات لم يوضع إلا في المدينة بعد الهجرة بسنين وما أبيح له كان عبئاً وضع قصداً على ذي وجدان يحاسب نفسه في أعمالها بدلاً من أن يكون لذة لكل متهتك.
وحدث كل زواجه قبل نزول الحد ومما نزل مع هذا الوحي التحديدي وحي آخر نزع من النبي كل امتياز فأصحابه أبيح لهم إذا راعوا حدود الشرع زواج مثنى وثلاث ورباع وكان لهم أن يكرروا زواجهم بقوة الطلاق الذي كأن يكرهه اما هو فقد حرم عليه طلاق اية من زوجاته وأن يضيف إليهن زوجة أخرى، أيعد هذا امتيازاً انتفاعياً ام عملا أنسانياً يراد به