وتفريقه عن بعضه. فباستور هو أول من بين وجوب ذلك وإليه يعود الفضل في اكتشاف الواسطة وحل المشكلة.
فإنه أخذ من تلك الزجاجة نقطة خلطها في زجاجة ثانيةفمن هذه نقطة في ثالثة وهلم جراً إلى العاشرة بل أكثر. وجعل الزجاجات كلها في محل واحد فصار من بعد ذلك اعني لدى ظهور الاختمار في واحدة منها يفحصها ليرى نوع الميكروب الذي فيها. ففي اغلب الاحيان كان ميكروب الزجاجات الأخيرة من جنس واحد محض إذا أخذ منه وزرع في زجاجات معقمة لا يجني الا من ذلك الميكروب جنساً ونوعاً.
هذه الواسطة اعني تمييز الميكروب بعضه عن بعض واجتناء نوع محض منه صار عليها مدار علم الميكروب فتقدم ونجح واي نجاح.
ولا يخفى ما هنالك من الصعوبات وطول لانتظار وصرف الأموال الجزيلة مع طول الأناة والصبر فاخترع الأستاذ كوخ واسطة عوضاً عن السابق بيانها صار عليها التعويل عند جمهور العلماء لأنها قريبة المأخذ عاجلة النتيجة كفيلة بنجاحها وهي لا تكلف الا شيئاً قليلاًمن المصاريف ولولاها لما توصل لاقتباس علم الميكروب الا الخاصة من المعلمين واغنيائهم.
الاعتراضات
كان أصحاب مذهب التولد الذاتي في بادئ الأمر هم الا كثيرون ولهم الصوت الأعلى واليد الطولي والتصدر في المحافل العلمية فكانوا يعدون من خالفهم مبتدعاً ودخيلاً فيخذلونه بل يحرمون عليه حرية القول والعمل لا يضاح أفكاره والدفاع عن آرائه وعند ما كثر الحيويون واشتهرت آراؤهم المبينة على نتائج التجارب التي يراها ويقبلها كل ذي عقل سليم ولاسيما عند ما ظهر باستور وانتشرت أعماله وانتصر له كثيرون من العلماء اضطر أولئك إلى البروز إلى ميدان الجدال واذ لم تسعهم المكابرة واسكات الخصم ببينات دامغة املوا الانتصار عليه بمقاومته بسلاحه نفسه اعني بالتجربة والأمتحان فأصابتهم سهامهم وسلموا للحق واذعنوا له. لان اعتراضاتهم كانت اوهى من بيت العنكبوت: فمنهم من كان ادّعى أنه وجد بالتجربة بعض الاختمار من دون ميكروب وآخرون استشهدوا لاثبات زعمهم بحدوث التعفن في جوف جثث الموتى وفساد بيض الدجاج مع بقاء قشرها سالماً.