وكذلك حدوث الاختمار اللبني والخلي على الرغم من منع اختلاط الميكروب بسائلها العقيم. وادعى بعضهم بانهم حافظوا على الحبول بدقة وانتن مع ذلك. وكذلك انهم نقوا مواد الاختمار بالترشيح والتصفية ولم تبق كلها سالمة. وفي تلك الأحوال كلها كانوا اما يزعمون بانهم لم يجدوا أثراً للميكروب في جميع المواد التي أعدت للتجربة فينسون الاختمار والتعفن إلى فعل كيماوي واما يقولون بأن الميكروب وجد في جميعها على كثرة احترازهم منه فيستنتج الطرآئيون حجة صريحة على صحة التولد الذاتي. وقال بيشام أن التدرنات التي تشاهد في الحياة في بروتو بلاسم الخلايا التي يتركب منها جسم كل حي من نبات وحيوان تتجول إلى ميكروب بعد الممات.
ان سخافة تلك الاعتراضات كلها بينة فلم تزعزع رأي الحيويين بل زادته متانه ورسوخاً وسبب ضلالهم وخبطهم هو عدم تصديقهم بوجود الميكروب فلم يعبؤوا به ولم يتخذوا بحق وسائط التحرز من انسيابه فيما يجربونه سيما وانهم لم يردوا التوغل في علم الميكروب الذي كان يومئذ صعب المنال وهم يستهينون به.
الاختمار الكيماوي
ذكرنا فيما سبق بان بعض العلماء كانوا يعتبرون الاختمار فعلاً كيماوياً فكان ليبيح وحزبه منذ سنة ١٨٢٩ يدعي بأن الخميرة هي مادة كيماوية بتحللها يحصل تحول السكر إلى الالكحول والحامض الكربونيك وحأولوا اثبات زعمهم ببينات مسندة كلها على مشابهة الاختمار بفعل بعض الأجسام وعناصرها كيماوياً. فعجزوا وبدل لييبيح سنة ١٨٧٠ مدعاة وزعم بان وجود الخلايا في الاختمارانما يكون ثانوياً فهي تحدث مادة خاصة تسبب الاختمار كيماوياً وهذا لا يتوقف على الخلايا بل على المادة التي تفرزها فلو امكنا إذا بإحدى الوسائط افراز تلك المادة لتوصلنا إلى حصول الاختمار بها وحدها من دون الخلايا.
واستشهد بظواهر حيوية تضاهيها تشاهد في النبات والحيوان من الطبقة العليا وكذلك عند الإنسان وهي حصول التيسين والتربسين والميوزين والدياستاز وغيرها ومنفعتها لا تختلف عن الاختمار قطعياً فهي إذا خميرة كيماوية.
أن الحيويين لم ينكروا وجود الخميرة الكيماوية ولكنهم لم يسلموا بأن للنوعين فعلاً وتأثيراً متشابهين حقيقة. لأن الخمير الكيماوي يؤثر ويفعل بمجرد الاختلاط والملامسة وفعله