للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لولا ثلاث هن في الكأس أصبحت ... كأفضل مال يستفاد ويطلب

أمانيها والنفس يظهر طيبها ... على همها والحزن يسلى فيذهب

وفي الخمر إن كل شارب على شرابه يصبر عنه غير الخمر فإن لها ضراوة لا يشبهها الا ضراوة اللحم. وكان عمر رضي الله عنه يقول: اتقوا هذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر. وقالوا: أهلك الرجال إلا حمرأن اللحم والخمر. وأهلك النساء إلا صفرأن الذهب والزعفران. وقال الشاعر حين منع أهل الشام من شرب الخمر:

الم تر أن الدهر يعبر بالفتى ... ولا يملك الإنسان صرف المقادير

صبرت ولم اجزع وقد مات إخوتي ... وما أنا عن شرب الطلاء يصابر

رماها أمير المؤمنين بحتفها ... فخلانها يبكون حول المعاصر

فهذه وما أشبهها منافعها في الجاهلية وأما منافع الميسر فإن أهل الثروة والأجواد من العرب كانوا في شدة البرد وجدب البلاد وكلب الزمان ييسرون أي يتقأمرون بالقداح وهي عشرة اقداح على جزور يحزئونها على ثمانية وعشرين جزءا وقد ذكرت هذا في كتاب الميسر وبينت كيف كانوا يفعلون فإذا قمر أحدهم جعل أجزاء الجزور لذوي الحاجة وأهل المسكنة واستراش الناس وعاشوا وكأنت العرب تمدح بأخذ القداح ويعيب من لا ييسر وتسميه البرم قال متمم يرثى أخاه مالكاً

ولا برما تهدي النساء لعرسه ... إذا القشع من برد الشتاء تقعقعا

ولم اسمع أحداً من الإسلاميين ذكر أنه قأمر بالقداح فافحش افحاش القائل وهو الأخطل:

ولست بصائم رمضان طوعاً ... ولست باكل لحم الاضاحي

ولست بقائم كالعير ادعو ... قبيل الصبح حي على الفلاح

ولكني سأشربها شمولاً ... وآكل ما تفوز به قداحي

قال: واما ذمهم شربه المسكر بقلة الوفاء وسوء العهد فاسوأ من ذلك اقدامهم على السكر وترك الصلاة وركوب الفواحش واعجب منه عقدهم على أن كل مسكر خمر محض لعلة الاسكار وهم يشربونه وعلمهم بأن الله حرم المسكر وهم لا يبيتون الا عليه فإذا عوتبوا على شربه مع الاعتماد أنه خمر قالوا: لان نشربه ونحن نعلم أنه ذنب نستغفر الله منه احب الينا من أن نشربه مستحلين له غير مستغفرين منه. وما ادري أمن الجرأة على الله