أبداً عنده النساخ يكتبون ولهم ما يقوم بكفايتهم منه. وقال ابن أصيبعة وحدثني أبي أن رجلاً من العراق كان قد أتى إلى الديار المصرية ليشتري كتباً ويتوجه بها وانه اجتمع مع افرائيم واتفق الحال فيما بينهما أن اباعة افرائيم من الكتب التي عنده عشرة آلاف مجلد.
وكأن ذلك في أيام ولاية الأفضل بن أمير الجيوش فلما سمع بذلك أراد أن تبقى تلك الكتب في الديار المصرية ولا تنتقل إلى موضع آخر فبعث إلى افرائيم من عنده بجملة المال الذي كان قد اتفق تثمينه بين افرائيم من الكتب ما يزيد على عشرين الف مجلد. وكان للصاحب امين الدولة السأمري همة عالية في جمع الكتب وتحصيلها قال ابن أبي اصيبعة: واقتنى كتباً كثيرة فاخرة في سائر العلوم وكأنت النساخ أبداً يكتبون له حتى أنه أراد مرة نسخة من تاريخ دمشق للحافظ بن عساكر وهو بالخط الدقيق ثمانون مجلداًً فقال: هذا الكتاب الزمن يقتصر أن يكتبه ناسخ واحد ففرقه على عشرة نساخ كل واحد منهم ثمان مجلدات فكتبوه في نحو سنتين وقد اجتمع عندما كثر من عشرين الف مجلد وفي رواية انها بلغت مائة الف مجلد لا نظير لها في الجودة. ووقف موفق الدين أبي طاهر بساوة دار الكتب. قال ابو بكر بن شإذان: وكان ممن أخذ عن الصولى وكان يتباهى كثيراً بالكتب وهي مصفوفة وجلودها مختلفة الألوان كل صف من الكتب لون فصف أحمر وصف أصفر وغير ذلك قال فكان الصوفي يقول هذه الكتب كلها سماع وكان ابو منصور الخوافي كثير الرواية وأكثر رواياته كتب الأدب وكان قد جمع كتباً من كل جنس. وكانت لبني موسى بن شاكر همم عالية في تحصيل العلوم القديمة وكتب الأوائل وأتعبوا انفسهم في شأنها وانفذوا إلى بلاد الروم من اخرجها لهم واحضروا النقلة من الاصقاع الشاسعة والأماكن البعيدة بالبذل السني فاظهروا عجائب الحكمة - قاله ابن خلكان وكانت لموفق الدين بن المطرأن المتوفي سنة ٥٨٧ على ما في تاريخ الأطباء همة عالية في تحصيل الكتب حتى أنه مات وفي خزائنه من الكتب الطبية وغيرها ما يناهز عشرة آلاف مجلد خارجاً عما استنسخه وكانت له عناية بالغة في استنساخ الكتب وتحريرها. وكان في خدمته ثلاثه نساخ يكتبون له أبداً ولهم منه الجامكية والجراية وكان من جملتهم وكان من جملتهم جمال الدين المعروف بابن الجمالة وكان خطه منسوباً وكتب المطران أيضاً بخطه كتباً كثيرة وكان كثير المطالعة للكتب لا يفارق ذلك في أكثر اوقاته وأكثرالكتب التي كانت عنده توجد وقد صححها واتقن