وذكر صاحب الأحاطة أن ذا الوزارتين أبي عبد الله اللخمي المتوفي سنة ٧٠٨ اكرم العلم والعلماء ولم تشغله السياسة عن النظر ولا عاقة تدبير الملك عن المطالعة والسماع وافرط في اقتناء الكتب حتى ضاقت قصوره عن خزائنها وأثرت انديته من ذخائرها. قال ابن خاتمة: كان للشيخ أبي بكر الحكيم الرندي عناية بالرواية وولوع بالأدب وصبابة باقتناء الكتب جمع من أمهاتها العتيقة وأصولها الرائقة الانيقة ما لم يجمعه في تلك الاعصر سواه ولا ظفرت به يداه وكان اقتناء الكتب عند الأندلسين من شارات الوجاهة وامارات الظرف وقد يجمع الغني ما شاء من كتب وقماطر وهو لا يعلم الفائدة المترتبة عليها وكان أهل قرطبة ارغب في مقتنايتها من أكثر البلاد الأندلسية. جرت مناظرة بين يدي ملك المغرب المنصور يعقوب بن الفقيه أبي الوليد بن رشد والرئيس أبي بكر بن زهر فقال ابن رشد لابن زهر في تفضيل قرطبة ما ادري ما تقول غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية فاريد بيع آلاته حملت إلى قرطبة وإن مات مطرب بقرطبة فاريد بيع آلاته وكتبه حملت إلى إشبيلية حتى تباع فيها قال أبو الفضل التيفاشي: وقرطبة أكثر بلاد الله كتباً. وروى المقري أن ذلك صار عندهم من آلات التعين ورئاسة حتى أن الرئيس منهم الذي لا تكون عنده معرفة يحتفل في أن تكون في بيته خزانة كتب وينتخب فيها ليس الا لأن يقال فلان عنده خزانة كتب والكتاب الفلاني ليس عند احد غيره والكتاب الذي هو بخط فلان قد حصله وظفر به. قلت: وهذا الغلو يشبه لعهدنا غلو جماع الطوابع والعادات والصور وممن كان جماعاً للكتب والدواوين العلمية بالأندلس احمد بن عباس الانصاري فكان معتنياً بها مغالياً بها نفاعاً بها من خصه لا يستخرج منها شيئاً لفرط بخله بها الا لسبيلها حتى لقد أثرى كثير من الوراقين والتجار معه فيها وجمع منها ما لم يكن عند ملك - قاله لسأن الدين. وقال في ترجمة احمد بن الصغير الخزرجي من علماء الأندلس المتوفي سنة ٥٥٩ إنه كان مولعاً بالأسفار كتب من دواوين العلم ودفاتره مالا يخفى كثرة بشدة ضبط وحسن خط وعد في جملته محتنه أن ضاعت له في ذلك وفي غيره كتب كثيرة بخطه مما تجل عن القيمة. وقال وكان احمد ابن إبرأهيممن أهل الأندلس امتحن بان نشأ بينه وبين المتغلب بمالقة من الرؤساء وحشة فكبس منزله واستولت الايدي على ذخائر كتبه وفوائد تقييده عن شيوخه ما