طالت له الحسرة وجلت له الرزية ولما سريت عنه النكبة كانت له الطائلة على عدوه والطائلة الحسنى بعد الثياب أمره والظفر بكثير من منتهب كتبه وتوفي سنه ٧٠٨.
وكان ابو جعفر احمد بن الجواز من أهل القيروان عالماً وجد له خمسة وعشرون قنطاراً من كتب طبية وغيرها. وكان القاسم بن محمد الاشبيلي الأمام الحافظ المحدث المؤرخ باذلاً لكتبه واجزائه ووقفها. وكان ابن نعزله اليهودي كاتب باديس الصنهاجي احد رؤساء الأندلس جماعاً للكتب وكان ضليعاً في العلم كتب عنه وعن صاحبه بالعربي فيما احتاج إليه من فصول التحميد لله تعالى والصلاة على رسوله والتزكية لدين الإسلام.
وكان محمد بن حزم جماعاً للكتب. وكان ابو بكر محمد بن يحيى والد أبي زكريا الراوية من حفاظ النحو واللغة والشعر مولعاً بالكتب جمع منها شيئاً عظيماً.
وكان عبد الله محمد بن عبد الله السلمي المرسي احد ائمة العلم كتب في البلاد التي ينتقل إليها بحيث لا يستصحب كتباً في سفره اكتفاء بما له من الكتب في البلد الذي يسافر إليه. وكان الوزير الكاتب ابو جعفر احمد بن عباس وزير زهير الصقلى ملك المرية من بلاد الأندلس جماعاً للدفاتر حتى بلغت أربعمائة الف مجلد وأما الدفاتر المخرومة فلم يوقف على عددها لكثرتها. وكان المظفرين الافطس صاحب بطليوس كثير الأدب جم المعرفة محباً لأهل العلم جماعة للكتب ذا خزانة عظيمة لم يكن في ملوك الأندلس من يفوقه في أدب ومعرفة - قاله ابن حيان. وقال ابن بسام: كان المظفر أديب ملوك عصره غير مدافع ولا منازع وله التصنيف الرائق والتأليف الفائق المترجم بالتذكرة والمشتهر أيضاً اسمه بالكتاب المظفري في خمسين مجلداً يشتمل على فنون وعلوم من مغازي وسير ومثل وخبر وجميع ما يختص به علم الأدب.
هذا ما ظفرنا فيه من اسماء غلاة الكتب في عصور الارتقاء في هذه الملة فليته يعود للشرق بعض هذه الهمة في اقتناء المفيد.