المقويات الرديئة والمهيجات والكحول وفساد المسكن وازدحامه وقلة نفوذ الهواء إلى محل العمل حيث يعمل العامل مع إخوانه ممن يكونون مصأبين بالسل. ولقد أحسن من سنوا قانوناً لعمل صغار الأولاد إذ دل الإختبار على أنه لا يتأتى إكراه الأعصاب التي لم تتكامل على العمل الطويل بدون أن يحدث فيها ضرر ويستندون في ذلك على أن عظام الأطفال تكون أخذة بالنمو. ولكن رجلاً بالغاً صحيح الجسم يحسن ما يعمل من الصنائع ولا يسمم جسمه في حانة بما يتنأوله من المشروبات الروحية لا يتعب بمقدار ما يكون عمله منتظماً.
يذهب المديرون للطبقة العاملة الأن إلى اعتبار العمل اليومي أسراً وظلماً ينبغي الخلاص منه بالسرعة الممكنة. وهذه المزاعم منافية من كل وجه لمبادئِِِ علم منافع الأعضاء الحديث الثابتة المحسوسة إذ ثبت أن العمل مبعث السرور والصحة يطيل فينا حبل الحياة وينهضنا من خمولنا وبدونه لا يتأتى لنا أن نعيش في المجتمع. أليس العمل هو السبيل الوحيد الذي ينسينا شقاءَنا فلا نفكر في الأمنا ويحملنا على مداواتها بأن نلجأ إلى بعض الرفاهية والدعة.
من شأن المؤثرات الخارجية أن تديم أعصابنا على أنكماشها فالقوة البشرية فينا تنشأ من قوة الإدراك بالحواس لا لتعمل تلك القوة عملها وتفنى في مكانها بل لتصدر عنا وتقوم بما قدر لها وتتبع الأعمال بنتائجها. ولا بد من الوقوع في خطر إذا تركت تلك الحاسة تتجمع في مراكز أعصابنا فالفتور يؤدي بادئ بدء إلى الغضب ثم ينتهي بالهزال.
فعلينا والحالة هذه أن ندعو إلى حب العمل فإنه مصدر القوة المتجددة النامية والرضى والأمان.
وعلينا أن نعني كل العناية بتحسين حال العمل وتعميم قواعد تدبير الصحة في الحرف الشاقة وأن
نطالب بتطهير المعمل والمسكن ونضاعف عدد المطاعم الصحية الرخيصة وأن نغلق أبواب كثير من الحانات وأن نلقن العملة مبادئ التمدن ونعلمهم أن يعيشوا بعقل وحشمة وأن لا ينهبوا حياتهم نهباً وأن نجعل لهم سلاحاً يجاهدون به البؤس والمرض وأن نصرح على رؤُوس الملأ ولو ساءَ
ذلك بعضهم بأن من يفتري بأن العمل مذلة ومنقصة كاذب في مذهبه ختار في مبدأه.