الخلفاء وعند الملائكة ماليس عند الأنبياء وما عند الله عزَّ وجلَّ أكثر والخلق في بلوغه أعجز وإنما علم الله كل طبقة من خلقه بقدر احتمال فطرهم ومقدار مصلحتهم).
وقال الراغب الأصفهاني في الذريعة: العلم طريق إلى الله تعالى ذو منازل قد وكل الله تعالى بكل منزلة منها حفظة كحفظة الرباطات والثغور في طريق الحج والغزو فمن منازله معرفة اللغة التي عليها بني الشرع ثم حفظ كلام رب العزة ثم سماع الحديث ثم الفقه ثم علم الأخلاق والورع ثم علم المعاملات وما بين ذلك من الوسائط ومعرفة أصول البراهين والأدلة ولهذا قال (هم درجات عند الله) وقال (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وكل واحد من هؤلاء الحفظة إذا عرف مقدار نفسه ومنزلته في حق ماهو بصدده فهو في جهاد يستوجب من الله أن يحفظ مكانه ثواباً على قدر علمه لكن قلما ينفك كل منزل منها من شرير في ذاته وشره في مكسبه وطالب لرياسته وجأهل معجب بنفسه بصير لأجل تنفيق سلعته صارفاً عن المنزل الذي فوق منزلته من العلم وعائباً لما فوقه وصارفاً عمن رامه فإن قدر أن يصرف عنه الناس بشبهة مزخرفة فعل أويبفر الناس عنه فعل
وإن ما في عبارة هذين الحبرين ليذكر بما يجب للمجتمع من مراعاة مبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي وقد قال أحد كبار شيوخ العلم من المعاصرين إن مما يؤخر الشرق في العلم عدم مراعاة أبنائه لمبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي ففيه من يحسن التفصيل كما فيه من يحسن الخياطة وليس بينهما من يضم أعمال الفئة الأولى للثانية لينتفع بها المجتمع حق الانتفاع ومثل لذلك بمن نقلوا لنا العلوم على عهد الحضارة الإسلامية الأولى فقال إنه كان يندر أن يجمع المترجم بين معرفة العلم الذي يترجمه واللغتين اللتين ينقل منهما فمن كان يجيد السريانية لا يحسن العربية إلا أنه كان يترجم ما يفهم بعبارة ركيكة أو عامية فيجئ المصححون يصلحون العبارة على الأسلوب العربي فتجئ معرباتهم من أصح ما يكون لفظاً ومعنى وعلى هذا درج ديوان الترجمة في الدولة العلوية الخديوية في القرن الثالث عشر في مصر فكان المترجم غير المصحح ولذلك جاءَ فيما نقلوه روح العربية أكثر من المصنفات التي نقلت إلى العربية حتى في هذا القرن قال وهكذا عرفت دولة العباسيين في بغداد والأمويين في الأندلس والأسرة العلوية في القاهرة أن تجمع بين من يحسن التفصيل ويحسن الخياطة فكان من هذا الجمع ما كان كما حسن النفع من كل ما تصرف تحت اسم