الآرامية التي كتب عليها التاريخ بحروف جلية من عهد كسركس ودارا وأرتاكسركس فثبت ما قلناه بالبرهان.
ومن جملة أوراق البردي المكتشفة مؤخراً ورقة ذكرت فيها بعض الحوادث التي حدثت سنة أربع عشرة لعهد الملك دارا الثاني الموافقة لسنة ٤١١ قبل التاريخ المسيحي وقد غلط المسيو أوتنج أحد علماء الألمان الذي عهد إليه نشر هذه الأوراق في قراءة عدة فقرات منها وإذ أخذت أنظر فيها بعده تبين لي أنها عبارة عن شكوى عامة أو معروض عام أرسله إلى المرزبان في مصر جماعة من غير المصريين وربما كانوا من اليهود لإقامة الحجة على اعتداء مدرسة الكهنة المصريين وعبثهم بقبور الرب خنوم في جزيرة أسوان وبذلك عرفت هذه الجزيرة بأنها مركز سامي آرامي جليلة القدر جداً من العهد الفارسي لاسيما وقد أسعد الحظ باكتشاف صكوك مماثلة لها. وقد أرادت الحكمة إذ ذاك علي المبادرة في الحفر والبحث في تلك الرجاء التي هي كالمعدن المملوء بالخيرات ولكني كنت كمن يعظ في قفر أو يصرخ في واد. وما جاء ربيع سنة ١٩٠٤ حتى تبين أني لم أكن ضالاً فيما دعيت إليه فعثر بالعرض بعض الوظنيين ممن كانوا يحفرون في خرائب أسوان في تربة نشادرية يسمونها سباخاً ويستعملونها في تسميد الزرع على نحو عشر قطع من أوراق البردي مطوية مختومة فابتاعها في الحال المسيو موند واللادي ويليام سيسيل وكانا إذا ذاك في مصر وبعد مدة نشرها المستر كولي في كلية أكسفورد. وكان فيها نصوص سالمة عظيمة بحروف آرامية لطيفة تشبه القطع المعروفة حتى الآن من كل وجه وكلها بلا شك من صنع اليهود النازلين في جزيرة أسوان ومدينة أسوان الواقعة على الشاطئ الشرقي للنيل أمام الجزيرة. لا جرم أن هذا الحادث مهم في ذاته ولكنه ليس مما يدهشنا لأننا نعرف بأن اليهود في سفر الخروج تركوا لغتهم العبرانية القديمة الوطنية وتعلموا اللغة الآرامية وكتابتها وكانت هذه اللغة شائعة في مديريات المملكة الفارسية. كما ترك اليهود أموراً كثيرة أخرى ليس هذا محل ذكرها.
هذه الخطوط المكتوبة على البردي هي حجج حقيقية مسجلة غريبة للغاية يرد عهدها بالتدقيق إلى كسركس وأرتا كسركس ودارا بالسنين والشهور والأيام مع بيان موافقة حساب السنين الآرامية والمصرية وهي مرتبة على ستين سنة مضت بين سنة ٤٧٠ إلى سنة