الذين ولدوا من أبوين يريدان الطلاق والانفصال. وبهذا النظر تعين على زوجين يرغبان في الطلاق أن لا يقدما عليه إلا بعد التأمل الكثير ليتحاميا الوقوع في مصائب تربو آلامها على ما صارت إليه حالهما.
ولقد دعا تعدد الزواج المتسرع في عقده دون النظر في المستقبل والتدبر في قلة ملائمته إلى القدح في نظام الزواج نفسه في صورته الحاضرة وتعظيم أمر الزواج المدني الحر إذا ضمنت فيه حالة الأولاد الذين يولدون منه ببعض ضمانات خاصة فلا يقوم الزواج بعد ذلك بإجراء شعائره المدنية أو الدينية بل بإنشاء صك بسيط تكون شروطه معلقة على إرادة المتعاقدين. ولعله يأتي من هذا التغيير المتطرف ضرر بالطريقة المستعملة الآن في الزواج. على أني قلت آنفاً أن الزواج الذي لا يفكر في عاقبته ويتم الرضى فيه دون العناية بما يحدث عنه من المسؤوليات قد أصبح سائغاً فليس من العبث إذن أن يجعل للمراسيم الزوجية بعض الشروط ليفهم المتعاقدان أن كل الفهم خطارة ما عقد لهما عليه. وبذلك يصبح احترام المرأة على أساس راهن. فإذا كانت الوعود التي تسبق الزواج الحر هي بحيث تضمن للمرأة مكانة اجتماعية فلا تعرضها لاحتمال أهواء النفوس التي يصعب الاعتذار عنها فإنها لا تختلف عن الشروط الزوجية الشائعة ولا موجب إذ ذاك للتغيير وإذا نقص من حرية الطرفين شيء يلحق المرأة من ذاك القسط الأعظم. فهي التي تستفيد في الواقع من الزواج خاصة لأن الزواج يعود منه في الغالب على الرجل زيادة موارد ثروته. وإن المرأة لا تتمتع بجمالها وتستوفي شروط التحبب إليها زمناً طويلاً فماذا تكون حالها يا ترى إذا شاخت ولم يكن لها بمقامها الطويل في بيت زوجها والتمتع بما تستحقه من الحقوق في يحاتها ما يجعلها موضوعه الحب الدائم والاحترام من زوجها؟ فكل عقد لا يوليها حالة ثابتة لا يتأتى لها معه مهما بلغ من جمالها وطهارة أخلاقها أن تأمل الوصول إلى أنواع سعادات الأمومة التي هي خاصة بالزوجة الشرعية. تستدعي حالة الولد عناية فائقة من الأب والأم حتى ينمو النمو القانوني في طبيعته وأخلاقه على أنه لا يستطيع أن يسير بما أمكن من الحكمة والتعقل ليجعل قياده بيده إلا إذا بلغ أشده أو كاد. فالمصلحة الاجتماعية تقضي أن يعيش أبواه معاً حتى يبلغ تلك السن ويستلزم ذلك قضاءهما أعواماً معاً فإذا انقضى ذاك الدور أيمكن النصح للزوجين بأن يفترقا ليبدأ حياة جديدة بعد فوات