الوقت. وإنه ليرجى حرصاً على مصلحة الزوج وزوجه أن يكون الزواج دائمياً ولا ينحل عقده إلا في أحوال نادرة.
قلت أنه يجب أن يفرض في الزواج وجود عواطف في الحب متبادلة بين الراغبين فيه مصحوبة بحرية التمتع بمال يكفي لإعالة الأسرة ولا يلزم أكثر من ذلك في الحقيقة للأفراد حتى يكون الزواج شرعياً. وهنا سؤال وهو أنه هل تكفي هذه الشروط من حيث الاجتماع ألا يلزم النظر في صحة الزوجين لمصلحة الأولاد الذين يولدون منهما؟ أيسمح لبعض من أصيبوا بأمراض تنتقل بالوراثة أو معدية أن يعٍدوا زواجاً وينقلوا بأثرتهم وسوء غفلتهم العدوى إلى أسرة جديدة أخرى؟ هذه مسألة حرية بأن توضع محل النظر لأنها من أدق المسائل ولا يتعذر حلها لو جرى فيها كما يجري في دور تربية الحيوانات حيث يعزل السقيم عن السليم لأول وهلة أما في المبدأ الذي يستلزم أولاً العناية بتحسين النوع فإنه تحذف منه بحسب القياس الأعضاء الضعيفة الكثيرة أو السيئة التركيب لما في وجودها من الضرر الذي يلحق بالمجموع. لك أن ترجع إلى القواعد الطبيعية الظاهرة لتبرير هذا العمل فترى قاعدة الانتخاب الطبيعي تجري مجراها حولنا في ذوات الأعضاء فتشاهد أبداً في طبقة الكائنات النباتية والحيوانية فناء كمية عظيمة من الجراثيم لقلة غنائها في المحيط الذي تظهر فيه أو لضعف تركيبها عن المقاومة.
ألا يكون المرء قد عمل بسنة العقل وبما يقضي به الواجب إذا أرجأ بذاته ومحض إرادته وإخلاصه عدم إيلاد أشخاص يصبحون عرضة لعامة المصائب الطبيعية منذ ولادتهم. ومن المحقق أن المرء لم يتأثر وجدانه من هذا القبيل. فكان الحق للأب في الأزمان السالفة أن يستحبي من يولد من البنين والبنات أو يقتلهم ومتى رأى ولده ضعيفاً ضئيلاً يقدمه للموت بلا شفقة. ولقد نشأ في القرون الحديثة شعور وإن لم يكن حديثاً في الناس إلا أن ارتقاء التمدن جعله عاماً ونعني بهذا الشعور (الرحمة) في اليوم تعارض ما كان يجري سالفاً من قتل الأحياء الساقطة. لأن من لا يعجبك ظاهر حاله لفساد تركيبه الطبيعي لا يجب أن تحكم عليه بإسقاطه من المجتمع بل يتيسر أن يشغل من أعمال الاجتماع الكثيرة حيزاً يعمل فيه عملاً. فالحال تقتضي إذا إيجاد وسائط أخرى تكون إلى الاعتدال لتحسين أجناس الناس.
وقد اقترح بعضهم أن يفحص المرشحون للزواج فحصاً طبياً تفادياً من سوء الاستعمال ولو