أمكن تطبيق هذه الطريقة الواقية لنشأ عنها نتائج حسنة إذ الظاهر أن تطبيق القول على العمل لا يخلو من شبهة. وذلك لأن الأهواء البشرية إذا ضيق عليها على هذه الصورة لا تلبث أن تخرج عن حد ما رسمه القانون وتعمد إلى التزويد وإلى الشهادات الطبية التي تنال بالشفاعات لتتجنب هذه القيود والأوامر. ومتى أصبحت هذه القوانين معمولاً بها وتعذر الزواج الشرعي على بعض الناس لا يلبثون أن يعمدوا إلى الزواج الحر فيخلصون على هذا الوجه من كل قيد وسلطة.
ولا دواء لهذه الأدواء إلا التربية إذا سارت على سنة العقل وكانت الغاية منها ترقية العواطف الشخصية بالآداب العالية. فالتربية هي التي تعلم أولئك الذي حظر عليهم الزواج لضعف فيهم أنه إذا جاز القانون عليهم ولم يرض لهم الاشتراك في النسل والحب فهو يوجب عليهم إذا أرادوا الخضوع لما أوصى به الشرف والواجب أن يمتنعوا عما يجعل العاهات فيهم دائمة.
أتجد تناقضاً في هذا الاستنتاج وفي شعور الآداب العالية التي دعوت إليها؟ لا أظن ذلك بل إني أعتقد أيضاً في بعض الأحوال الخاصة مثل قلة أسباب معاش الأسرة أنه يستحب لربها أن يتجنب زيادة عدد أولاده بدون روية لعلمه بأنه يحكم عليهم بالحرمان والفقر منذ ولادتهم. وليس معنى هذا أن نقبل رأي مالتوس كأنه حقائق في قوله بعدم التناسب بين نمو السكان ومواد معاشهم وأن نقص التوازن بين الأحياء وما يحيون به لا بد من وقوعه على أنه إذا ظهر ذلك فيكون من عدم التساوي في توزع الأجناس البشرية على سطح الكرة الأرضية.
ترى العناصر الإنسانية تتكاثف في بعض المحال بحيث يؤدي بها ضيق مضطربها إلى النزاع على صغر قطعة من الأرض التي كادت تفقد قوتها الإنباتية على حين أن هناك أراضي واسعة نادرة بخصبها وهي لا تزال بوراً. بيد أن مصاعب كثيرة تحول دون الإفراط في الإكثار من الجنس الإنساني. وبعد فإن للطبيعة أسباباً ملطفة ما زالت نواميسها غير معروفة حق معرفتها ولكن لها عمل لا يسع أحداً إنكاره على ضروب التناسل في عالم النبات كما في عالم الحيوان.
وقد ذكرت بعض الحوادث النادرة فيجب الآن أن أدخل في التعميم بأن أصور سلطة الأب