وانتشر ذلك ببغداد وتفتى الأصاغر إلى الأكابر واتفق أن الفاخر العلوي كان رفيقاً للوزير ناصر بن مهدي وكان له رفقاء فاختصم أحد رفقائه مع رفيق لعز الدين نجاح الشرابي وصار بذلك فتنة عظيمة بمحلة قطفتا حتى تجالدوا بالسيوف فانتهى ذلك إلى الإمام الناصر لدين الله رضي الله عنه فأنكره وتقدم إلى الوزير يجمع رؤوس الأحزاب وأن يكتب في ذلك منشور يؤمرون فيه بالمعروف والألفة وينهون عن التضاغن ويقرأ بمحضر منهم ويشهد عليهم بما يتضمنه فمن خالفه أخذ سراويله وأبطلت فتوته وعوقب بما يرى من العقوبة وأحضر الفاخر العلوي وقال الوزير للحاضرين اشهدوا عليّ أني قد نزلت عنه وقرأن المنشور عليهم لنكين أبو الحسن محمد بن محمد القمي كاتب ديوان الإنشاء المعمور وهو من إنشائه وهذه نسخته:
بسم الله الرحم الرحيم، من المعلوم الذي لا يتمارى في صحته ولا يرتاب في وضوح براهينه وأدلته أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هو أصل الفتوة ومنبعها ومنجم أوصافها الشريفة ومطلعها وعنه تروى محاسنها وآدابها ومنه تشعبت قبائلها وأحزابها وإليه دون غيره ينسب الفتيان وعلى منوال مؤاخاته الشريفة النبوية نسج الرفقاء والأخوان وأنه كان عليه السلام مع كمال فتوته ووفور رجاحته يقيم حدود الشرع على اختلاف مراتبها ويستوفيها من أصناف الجناة على تباين جناياتها ومللها ومذهبها غير مقصر عما أمر به الشرع المطهر وقدره ولا مراقب فيما رتبه من الحدود وقرره امتثالاً لأمر الله تعالى في إقامة حدوده وحفظاً لمناظم الشرع وتقويم عموده فإنه عليه السلام فعل ذلك بمرأى من السلف الصالح ومسمع ومشهد من أخيار الصحابة ومجمع فلم يسمع أن أحداً من الأمة لامه ولا طعن عليه طاعن في حد أقامه وحقيق بمن أورثه الله مقامه وناط به شرائع الدين وأحكامه وانتمى إليه عليه السلام في فتوته واقتفى شريف شيمته وكريم سجيته أن يقتدي به عليه السلام في أفعاله ويحتذي فيما استرعاه الله تعالى واضح مثاله غير ملوم فيما يأتيه من ذلك ولا معارض فتوة ولا شرعاً فيما يورده ويصدره وقد رسم الله على المراسم العلية المقدسة النبوية الإمامية وزادها نفوذاً معضوداً بالصواب وتأييداً ممتد الأطناب محكم الأسباب على كل من تشرف بالفتوة برفاقة الخدمة الشريفة المقدسة المعظمة الممحدة المكرمة الطاهرة الزكية الإمامية الناصرة الدين الله تعالى شرف الله مقامها وخلد