فيها محلاً للمائدة واصطبلاً للبهائم ومكاناً للمركبات. وقد وصف أفلاطون أصحاب الخانات في عصره بأنهم لصوص متجبرون أهل قحة وسلاطة يزدرون بمن يعطيهم قليلاً من الأجرة وهي صورة تصدق ولا جرم على بعض أصحاب الفنادق في عصرنا.
من كان يظن أن البلاد التي تفردت في تلك الأعصر براحة السائحين فيها هي بلاد فارس؟ فقد كان البريد ينقل فيها (ولا يزال كذلك) مع السعاة على الخيل فينقلون من محطة إلى أخرى الأوامر وقد توفرت أسباب الرفاهية في تلك الفنادق الفاخرة. وعهد عند الرومانيين ضربان من الفنادق منها الفاخر وهو ما كان ينزل فيه السائحون والجند وكانت تحت مراقبة الحكومة وقد ذكر مسيو كالي بأنه رأى مثالاً عنها عندما أقام في البوسنة والهرسك. والحكومة النمسوية تلاحظ تلك الفنادق وتشرف عليها ولكن كانت تلك الفنادق للطبقة العالية من الناس وربما حل فيها الملوك فهل يسوغ أن ينزل هؤلاء مع الصعاليك وربما وصل إليهم منهم أذى. أما الفنادق العامة فكانت منازل حقيرة قال فيها هوراس الشاعر اللاتيني: إذا رغب المرء أن ينزل في أحد هذه الفنادق التي يراها على طريقه من كابو إلى رومية فالعقل أن يترجل وإذا لارضي لنفسه النزول أحياناً فلا ينزلها إلا ذا بلغت به الحال أن تلوث بالوحل إلى ظهره وتبلل بالمطر إلى عظمه وكنت ترى أمثال هذه الأكواخ على الطريق في إيطاليا بكثرة وهي ممقوتة حتى لقد شكا بلين العالم الروماني من أن الفراش لم تكن وثيرة بل كانت محشوة بعيدان القصب على مثال الريش وكان طعامها غليظاً. ومن أجل ذلك كان الأغنياء السائحون يحملون معهم أدوات مطابخهم وبعض أرباب الشرف يصحبون معهم عجلات تحمل البطيخ والثمار التي لم تنضج لئلا يحرموا الفاكهة ويحمل كل منهم معه أواني السفرة كما لا تزال العادة في روسيا إلى اليوم أن يأتي المسافر معه بأدوات الفراش لنومه. وكانت فنادق رومية وخاناتها كثيرة ولاسيما من طريق إبين وهي كأمثالها في بلاد الغاليين سكان فرنسا الأقدمين من حيث قلة العناية وسوء الخدمة. وعلى عهد المؤرخ بوليب اليوناني (٢٠٤ ـ ١٢٢ ق. م) أحدثت طريقة أخذ شيء من الدراهم من كل مسافر أجرة مبيته في أحد الخانات وكان ثمن غذاء الرجل ومبيته يعادل في اليوم ثلاثة سنتيمات بسكة زماننا.
وفي القرن السابع للميلاد بدأ المسيحيون في الغرب يحجون إلى الأرض المقدسة وفي