تأليف أدمان وويلبالد أسقف أشتياد سنة ٧٣٠ إشارات كثيرة تدل على ما كانت عليه أسباب التنقل في القرن السابع والثامن على أن الحج إلى البيت المقدس بدأ قبل ذلك العهد ببرهة طويلة فقد كتب كاهن لم يذكر اسمه منذ سنة ٣٣٣ جدولاً ذكر فيه الطريق من بوردو إلى القدس ذكراً مجرداً. وفي خلال تلك المدة كان للنورمانديين فضل السبق على سائر الأمم الأوروبية بتحمسهم في مثلب هذه الزيارات يضاف إليها في الغالب رغبتهم في جمع المال والإتجار فكانوا يتحاشون تجسم أهوال البحر ولذلك كنت تراهم يقطعون المسافة براً فيمرون بفرنسا وبجزء عظيم من إيطاليا ثم يركبون البحر من نابولي أو كايت أو سالرنا وهي المواني التي كانت تتقايض المتاجر مع سورية. وفي السنين الأولى من القرن الحادي عشر للميلاد اجتمع أربعون سائحاً من النورمانديين وردوا العرب على أعقابهم عندما أغاروا على سالرة وأشؤوا لهم دولة نورماندية في جنوبي إيطاليا.
وكانت الحملات الصليبية الأولى على الشرق تسير براً في طرق متعددة. وقد ساعدت العادة في الحملة الثالثة على إدخال تسهيلات كثيرة في تسفير تلك الحملات الضخمة فأنشؤوا يؤثرون الرحيل من البحر. وكانت المدن أو بعض أفرادها تتعهد بتقديم لوازم السفر فقد قال ريكاردوس قلب الأسد ملك الإنكليز في حرب الصليب ميناء مارسيليا على أن تقدم له عشرين سفينة وثمانية مراكب متوسطة الحجم لتقله وتقل أتباعه إلى الأرض المقدسة وكان قد تقدم فن الملاحة وكثر التفنن في إحداث السفن الكبيرة والصغيرة وبلغ عدد الأسطول الذي اجتمع في إيكومورت في الحملة الصليبية السابعة ألفاً وخمسمائة سفينة وقد قضى الصليبيون الذين سافروا إلى فلسطين من طريق الأستانة ثمانية أشهر.
وما لنا ولتلك الحملات وما قاسته من المتاعب في قطع المساوف فإن أخبار الأفراد الكبراء ومنهم من كانوا يسيحون لأشغال لهم أو للزيارة أحق بالتدوين. فقد كانت الهوادج والمحفات مألوفة لكبار الأغنياء يركبونها في أسراتهم ولهم عجلات ضخمة خاصة بهم غريبة في شكلها وبطئها ومهما كانت البقر التي تجرها قوية فإنها لا تكاد تجتاز بضعة كيلومترات في النهار إلا بشق الأنفس وذلك لوعوثة الطرق وكثرة البطائح ولطالما اضطرت السائحين أن يحملوا على ظهورهم ما كان يحملهم.
وقد كثرت الأديار والصوامع في القرون الوسطى في أوروبا فكنت تراها حيثما انقلبت في