للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيديهم فقال أنه رأى أحدهم بلع بيضة بدون أن يكسرها وبعد ربع ساعة أخرجها سالمة. ووصف القافلة عند منصرفه إلى فارس فقال أنه كان معهم عشرة أعلام وأربعون جملاً وثمانية عشر بغلاً وإحدى عشر دابة أخرى وهودج يقله بغلان وكانوا خمسة وخمسين سائحاً راكبين على أحسن صورة مسلحين سافروا من الأستانة سنة ١٥٤٨ فرجعوا إلى فرنسا في أوائل سنة ١٥٥٠ بعد أن زاروا البلاد العثمانية والفارسية والقدس ومصر.

ورحل الرحالة فيليب دي فرسن سنة ١٥٧٢ إلى الأستانة فرأى سوق النخاسة قائمة فيها والإماء والعبيد من أطراف الأرض يعرضون للبيع ومن أراد ابتياع أمة يكشف عن وجهها القناع ولكي يتمكن من معرفة سحنتها وصباغها لا يستنكف عن البصاق عليه ليتأكد فيما إذا كان صبغة أم هو خلقة بلا تصنع. وقد سار في الطريق التي كانت متبعة في القرن السادس عشر للذهاب من فرنسا إلى الشرق براً وهو راغوس ـ نوي بازار ـ اسكوب ـ تاتار بازارجق.

ولا يذهبن الفكر إلى أن جميع السائحين كانوا يصرفون وقتاً طويلاً لقطع المسافات فلم يكن جميع الناس كالرحالة مونتين في رفاهيته وبطئه يسيرون على هواهم فإن البارودي لا كارد قضى اثنين وعشرين يوماً للذهاب من الأستانة إلى فونتينبلو في فرنسا وقد عدت هذه السرعة من الغرائب التي يفتخر بها. وبعد أن زار برتراندون دي لابروكيير القدس رجع راكباً من الأستانة إلى فرنسا من طريق بلاد الفلاخ وبلغراد وبست في خمسين يوماً وقف في الطريق أياماً كثيرة.

وكثرت على ذاك العهد الرحلات العظيمة فرحل يعقوب كارتيه ثلاث رحلات متوليات إلى كندا وطاف دراك الإنكليزي الهند الغربية وطاف الهولنديان بارنتز وهمسكرك للبحث عن منفذ إلى بلاد الهند من شمالي أميركا وفي رحلتهما أمور نافعة فقد كتبا رحلتهما سنة ١٥٩٦ وكأنهما دوناها أمس بل أنك إذا تلوت ما كتباه يتجليان لك كأنهما الرحالتان المتأخران نوردا لسكيولد ونانسن فقد أعربا فيها آمال كآمال هذين الرحالتين وقاسيا مثل ما قاسيا من قلة الجوع وبرد ونصب.

كل هذا والمركبات قليلة فلم يكن في أوائل سنة ١٦٠٠ في باريز سوى أربع مركبات منها واحدة للملك والفنادق فيها مما يضحك ومضى قرنان بعدها والقوم في أوروبا عدتهم البغال