كتب فريدريك باسي الذي عربنا له مقالة القضاء على الشقاء في هذا الجزء مقالة افتتاحية في مجلة الاقتصاد الاجتماعي العامية فآثرنا تعريبها وضمها إلى أختها السالفة بياناً لتفنن الإفرنج في الكتابة في موضوع واحد قال فيها ما ترجمته: يقول علماء الأخلااق المتدينون أن كل شر ينشأ من الخطيئة فهم على سداد إذا أريد بالخطيئة كل ما من شأنه الخروج عن القوانين التي يجري عليها نظام الأخلاق ونظام الماديات في العالم. ومن المحقق أن ثمت شروراً لسنا نحن السبب فيها كالعواصف والزلازل والفيضانات والحرائق والأوباء وآفات الفلك التي تأتي على الغلات وتنقص الثمرات. ومن هذه المصائب الطبيعية ما نستطيع التوقي منه أو من تقليل أثره فينا إلى حد محدود. وأن كثيراً من الحرائق والأمراض وأنواع الهلاك هي نتيجة غفلتنا فإذا لم نستطع أن نعرفها قبل وقوعها ففي وسعنا أن نقلل من تأثيرها إذا ضمننا الضامنون وتعهد لنا المتعهدون فاتقاء الفيضانات يكون على الجملة بإقامة السدود وإصلاح مجاري المياه وتمكن الوقاية من الأنواء بالدخول إلى المرفأ او بالابتعاد عن الشواطئ الخطرة عملاً بما تنقله الأسلاك البرقية والأسلاك البحرية من الأخبار الواجب تصديقها. وتحمي الغلات والثمرات من بوائق الجو بما يعلم من الإشارات التي تؤخذ عن المراصد الجوية المؤذنة بقرب الزعازع وتتقى الأمراض بالامتناع عن التعرض لموجبات العدوى على غير ضرورة.
وتتأتى النجاة من معظم أسباب الفاقة والألم إذا صحت عزيمة المرء وقويت إرادته لأن أغلبها صناعي غير طبيعي فالكسل هو الذي يضيع الوقت والفراغ وهو الذي يسيء استعماله ويصرفه فيما لا ينتج وأعظم من ذلك استعماله فيما يؤذي النفس والغير ولا يعود منه فائدة على عامل أخرق جاهل لا نفاذ في بصيرته ولا مضاء في عزيمته فقد يصرف بعضهم في المشروبات الضارة التي تنهك الصحة والعقل بقدر ما يدفعون إلى خزانة الحكومة من الضرائب عن يد وهم صاغرون متململون بل أكثر بكثير. وقد يقضون أوقاتهم وهم يتفرجون على الخيل تعدو مسرعة وهم لا يعرفون منها أعيانها ولا أعيان أصحابها ويحضرون تمثيل روايات أو يستمعون لشتائم وسباب ويصرفون أياماً وليالي كان في وسعها أن يقضوها في عمل مثمر.
ترى بعضهم يلقون بما لهم من المضاربات والمراهنات التي كثيراً ما تكون ضرباً من