ادعيت فيهجم منك على الجهالة والصلف وإما ألا ينازعوك ويخلوا الأمور في يديك فينكشف منك التصنع والمعجزة.
استحي الحياء كله من أن تخبر صاحبك أنك عالم وأنه جاهل مصرحاً أو معرضاً وإن استطلت على الأكفاء فلا تثقن منهم بالصفاء.
إن آست من نفسك فضلاً فتحرج أن تذكره أو تبديه فاعلم أن ظهوره منك بذلك الوجه يقرر لك في قلوب الناس من العيب أكثر مما يقرر لك من الفضل واعلم أنك إن صبرت ولم تعجل ظهر ذلك منك بالوجه الجميل المعروف ولا يخفين عليك أن حرص الرجل على إظهار ما عنده وقلة وقاره في ذلك باب من البخل واللؤم وأن من خير الأعوان على ذلك السخاء والكرم.
إن أحببت أن تلبس ثوب الوقار والجمال وتتحلى بحلية المودة عند العامة وتسلك الجدد الذي لا خبار فيه ولا عثار فكن عالماً كجاهل وناطقاً كعي. فأما العلم فيرشدك وأما قلة ادعائه فينفي عنك الحسد وأما المنطق إذا احتججت إليه فسيبلغ حاجتك وأما الصمت فيكسبك المحبة والوقار.
إذا رأيت رجلاً يحدث حديثاً قد علمته أو يخبر خبراً قد سمعته فلا تشاركه فيه ولا تتعقبه عليه حرصاً على أن يعلم الناس أنك قد علمته فإن في ذلك خفة وشحاً وسوء أدب وسخفاً.
ليعرف أخوانك والعامة أنك إن استطعت أن تكون إلى ان تفعل ما لا تقول أقرب منك إلى أن تقول ما لا تفعل فعلت فإن فضل القول على الفعل عار وهجنة وفضل الفعل على القول زينة وأنت حقيق فيما وعدت من نفسك أو أخبرت صاحبك عنه أن تحتجن بعض ما في نفسك إعداداً لفضل الفعل على القول وتحرزاً بذلك عن تقصير فعل إن قصر وقلما يكون إلا مقصراًُ.
إحفظ قول الحكيم الذي قال لتكن غايتك فيما بينك وبين عدوك العدل وفيما بينك وبين صديقك الرضا وذلك أن العدو خصم تضربه بالحجة وتغلبه بالحكام وأن الصديق ليس بينك وبينه قاض فإنما حكمه رضاه.
اجعل عامة تشبثك في مؤاخاة من تؤاخي ومواصلة من تواصل ووطن نفسك على أنه لا سبيل لك إلى قطيعة أخيك وإن ظهر لك منه ما تكره فإنه ليس كالمرآة التي تطلقها إذ شئت