للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والزمان الثالث صلاح الناس وفساد الوالي وهذا دون الذي قبله فإن لولاة الناس يداً في الخير والشر ومكاناً ليس لأحد وقد عرفناه فيما يعتبر به أنه ألف رجل كلهم مفسد وأميرهم مصلح أقل فساداً من ألف رجل كلهم مصلح وأميرهم مفسد. والوالي إلى أن يصلح أدبه الرعية أقرب من الرعية إلى أن يصلح الله بهم الوالي. وذلك لأنهم لا يستطيعون معاتبته وتقويمه مع استطالته بالسلطان والحمية التي تعلوه. وشر الزمان ما اجتمع فيه فساد الوالي والرعية (فـ) فقولي في هذا الزمان أنه ألا يكن خير الأزمان فليس على واليكم ذنب وألا يكن شر الأزمان فليس لكم حمد ذلك غير أنا بحمد الله قد أصبحنا نرجو لأنفسنا الصلاح بصلاح إمامنا ولا تخاف عليه الفساد بفسادنا وقد رأينا حظه من الله عز وجل في التثبت والعصمة فلم يبرح الله يزيده خيراً ويزيد به رعيته مذ ولاه فعندنا من هذا وثائق من عبر وبينات ونحتسب من الله عز وجل أن لا يزال أمامنا يسارع في مرضاة ربه بصلاحه لرعيته والصبر على ما يستنكر منهم وقلة المؤاخذة لهم بذنوبهم حتى يقلب الله له بصلاحه قلوبهم ويفتح له أسماعهم وأبصارهم فيجمع ألفتهم ويقوم أودهم ويلزمهم مراشد أمورهم وتتم نعمة الله على أمير المؤمنين بأن يصلح له وعلى يده فيكونوا رعية خير راع ويكون راعي خير رعية إن شاء الله وبه الثقة.

والذي يحمد من أمير المؤمنين أنا ذاكر ما تيسر منه (فـ) وقلما نلقى من أهل العقل والمعاينة منكراً لنعمة الله بأمير المؤمنين على المسلمين (فـ) ومن أشد جهلاً وأقطع عذراً ممن لم يعرف النعمة ولم يقبل العافية نعوذ بالله أن نكون من الذين لا يعقلون فتفهموا ما أنا ذاكر لكم وتدبروه بالحق والعدل فإن المرء ناظر بإحدى عيون ثلث وهما الغاشتان والصادقة وهي التي لا تكاد توج=د. عين مودة تريه القبيح حسناً. وعين شنآن تريه الحسن قبيحاً. وعين عدل تريه حسنها حسناً وقبيحها قبيحاً. فتفكروا فيما جمع الله لأمير المؤمنين في معدنه وفي سيرته وفيما ظاهر عليكم من النعمة والحق والحجة بذلك فيما عسى القائل أن يبتغي فيه المغمز والمقال فلعمري أن الشيطان من أهواء الناس وألسنتهم في الأمر لمصيب وأن له لمستراحاً حين يستوفي أمنيته ويصدق عليهم ظنه ويوحي إليهم بمكايده فيجعل الله كيده ضعيفاً وحزبه مغلوباً وجعله وإياهم نصيباً لجهنم من أجزائه المقسومة لأبوابها وحطبها ووقودها وحصيها ليعدَّ لها فمن كان سائلاً عن حق أمير المؤمنين في