في الصناعة وأمتن وأفخم. وأما النقش الفارسي على جماله فقليل البقاء ويا للأسف أشبه بزينة مسرح التمثيل تزول إذا صفر لها من عهدت إليه إدارة حركة التمثيل ليجعل غيرها مكانها. ولا يعلم لأي أمة ينسب مهندس بناء تاج محل في آكرا (الهند) ولكن المعلوم أن السلطان محمد الرابع بعث إلى شاه جنان مهندساً يبني له في أحمد آباد قبة نور محل ولا ينبغي العجب إذا رأينا من بعد هذا العصر الأشكال الفارسية مطبقة على البناء من الرخام في حجم كبير. ويقال أيضاً أن رجلاً فرنسوياً من بوردو اسمه أوستين أو أوغوستين الذي لقب نادر العصر قد عهد غليه النظر في أعمال ترصيع الحجارة الكريمة التي ازدان بها تاج محل من داخله وخارجه. ولذلك كان الحق مع المسيو سلادين في قوله بأنه يظهر بأن يد مهندس أوروبي قد رسمت الصور الواضحة ورسوم جانب البناء الكثيرة التدقيق في هذا المصنع ولعل هناك أثراً من التأثير الغربي.
أما في الصين فإن هندسة الجوامع صينية محضة ولم تقتبس شيئاً عن البلاد التي يتكلم أهلها بالعربية ولا عن فارس ولا الهند.
لم يكن للنقش إذا قيس بالهندسة شأن ظاهر. ولا يسعنا هنا أن نبحث في استعماله للتزويق فإن ما لدينا منه قليل لا يعتد به وقد ازدانت حوائط قصر عمراً بالنقوش ولكنها بيزنطية وكان ملوك الفاطميين يزوقون قصورهم في القاهرة بصور ذات أرواح كما قال المقريزي. وجلب اليازوري وزير المستنصر بالله إلى مصر ابن العزيز والقصير وهما نقاشان مشهوران الأول من البصرة والثاني من العراق فكانا يمثلان بما ينقشان نساءً يرقصن ومشاهد مأخوذة من التواريخ المنقولة عن التوراة على نحو ما أوردها القرآن ولكن لم يبق شيء مما نقشاه. وما على من أرد أن يتمثل كيف كان النقش عند العرب إلا أن ينظر إلى نقش المخطوطات ولا سيما الصور المصغرة التي تستعمل فيها رسوم الأشخاص والحيوانات دليلاً. ويرتقي عهد أقدم المخطوطات العربية من هذا النوع إلى صلاح الدين وبعبارة ثانية إلى الدولة الأيوبية وهي من أصل بيزنطي على ما يتجلى كمها كل التجلي. ومن أهم الأمثلة في هذا الباب كتاب مقامات الحريري المخطوط وهو مما ملكه شفر (العالم الفرنسوي) وألحق بمجامع خزانة كتب الأمة بباريز كتب كاتبه اسمه في آخر ورقة منه واسمه يحيى بن محمود بن يحيى بن أبي الحسن نشأ في واسط من بلاد ما بين النهرين.