ومما حواه صفحة تمثل جيشاً للعباسيين يحملون العلم الأسود ويضربون بأبواق ضخمة فارسية كما رسمت أيضاً مشاهد من غير هذا الشكل وتجد فيها كلها أثراً ظاهراً من تأثيرات الرسم البيزنطي وذلك للتوسع في صنعها الذي يشبه رسوم الحيطان على الكنائس الكبرى.
إن ما كتب في مصر من المصاحف هو من الصنائع البديعة فتراها محلاة بالعناوين المزوقة والنقوش المدورة الموضوعة في الحواشي من أجمل ما تخط يد وهي من زمن المماليك ولا يعرف المرء بما يعجب في صناعة مزج الذهب بالأولوان بدقة الرسم ولطفه أو بالذوق العظيم الذي أوجد ألوفاً من التراكيب المزينة الهندسية. وقد انتشر الرسم المصغر في فارس أكثر من غيرها فظهرت الكتب المزينة بالرسوم بظهور دولة المغول التي أسسها هولاكو حفيد جنكيز خان. وربما كان هذا النقش قد ظهر بتأثير الصنائع الصينية (لأنه كانت للساسانيين كتب مزينة بصور لم يذكر عنها كتاب مجمل التواريخ غير أخبار ركيكة) أما الاكتشافات الحديثة في خوقند التي لم يطلع عليها المؤلفان المشار إليهم (ظهر مصنف المسيو ستين حديثاً) فقد أوردت لنا أمثلة من الصناعة البوذية والفارسية معاً ويجب أن يبحث فيها عن الأصل الذي أخذت منه فارس طريقتها في النقش وعلى هذا فتكون تركستان الصينية هي الطريق التي دخل منها إلى إيران تأثير آسيا الشرقية.
ومهما يكن من منشأها فمن المحتمل أن فارس نقلت طريقة التصوير المصغر عن مملكة إيلخان. وبذلك ساغ لنا أن نجعل الرسم ثلاث طرق أو ثلاثة مذاهب وهي المغولي والتيموري والصفوي ومن الجنس الأول الصورة المصغرة الوحيدة التي رسمت في تاريخ جهان خوشاي لعلاء الدين الجويني (المحفوظة في مكتبة الأمة بباريز) وهي تمثل المؤلف يقدم نسخة من كتابه إلى آراغون. وقد تجلى تأثير الصين كل التجلي بعد عهد تيمور بحيث أن النفس لتحدث المرء إذا نظر إلى رسوم ذاك الدور فيما إذا كان هناك أناس من أرباب الصنائع من الفرس تخرجوا على أيدي أناس من الصينيين أو أن هؤلاء النقاشين هم صينيون في الأصل جيء بهم إلى فارس فرسموا ما رسموا.
بين العصر الماضي وهذا العصر بون بعيد لأنه دور التوسع الصناعي الموافق للعهد الذي كانت فيه بلاد فارس وتركستان غاصة ببدائع المصانع. ولقد غصت بخارى وخيوه