وطاشقند بالصناع الذين ازدانت بمصنوعاتهم دور الكتب في أوروبا ثم أن عصر الصفوية السعيد قد أزهرت فيه صناعة بديعة غريبة تعلم أربابها في سمرقند وبخارة ولما انتقلت إلى الهند مع سلاطين المغول همايون وأكبر وجهانكير وأورنك زيب أنشأت فيها بدائع في الرسم والنقش بأسلوب يتنافس الناس في أوروبا في الحصول عليه. وما هذه الرسوم إلا مستندات ثمينة لا تقدر بقيمة سواء كان من حيث التاريخ أو للوقوف على الأحوال الاجتماعية في الهند في القرن السابع والثامن عشر. والصناعة الصفوية لينة سهلة تتجلى فيها العواطف الرقيقة ذات بهجة فاتنة. واشتهرت النقوش التي كتبت بقلم رصاص بوضوح التقاطيع وثبات الشكل والصورة.
وانتقل النقش على عهد الشاه عباس الأول الذي كان يحب الأبهة وهو على شيء من الأفكار العالية والمدارك الواسعة من الكتب المخطوطة إلى حوائط القصور في أصفهان وما زال من هذه النقوش بقايا في قصر علي قبو وقصر الأربعين عموداً. وقد كان السائح الروماني بيترو دلافال استصحب معه نقاشاً في رحلته إلى بلاط فارس فمن الممكن أن يكون الشاه أخذ رأي النقاش وباحثه في الرسوم الكبرى التي اعتاد الطليان رسمها على الجدران فنبه فكره إلى أن يزوق قصوره على مثالهم. ولكن هذا القياس الفرضي وكان على بيترو وقد أطال رحلته بوصف ما عمل ورأى أن لا يقصر في ذكر ذلك. على أن كثيراً من النقوش الفارسية تشعر بتأثيرات النقش الإيطالي.
وكثيراً ما تكون جلود الكتب غاية في الجمال ومن الخسارة أن مؤلفي كتاب الوجيز المشار إليهما لم يدخلا في تفصيل ذلك. ولقد شاهدت في الأستانة بعض المولعين بالآثار يأخذون الجلود القديمة كافة ليجعلوها في المتاحف مثالاً من أمثلة الحذق في الصنائع. والجلود المصمغة عند الفرس غاية في الجمال ويتألف من بعضها جداول حقيقية.